تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المؤلفة في الحكايات والنوادر على اختلاف فنونها ثم انتقلت من ذلك إلى محبة الأسمار والخرافات الطوال ثم إلى الدواوين الكبار مثل ديوان أخبار عنتر وديوان ذى الهمه والبطال والبطال وأخبار الإسكندر ذي القرنين وأخبار

العنقاء وأخبار الطرف بن لوذان وغير ذلك ثم إني لما طالعت ذلك اتضح لي أن أكثره من تأليف المؤرخين فطلبت الأخبار الصحيحة فمالت همتي إلى التواريخ فقرأت كتاب أبي على بن مسكويه الذي سماه تجارب الأمم وطالعت تاريخ الطبري وغيرهما من التواريخ فكانت تمر بي في هذه التواريخ أخبار النبي وغزواته وما أظهر الله له من المعجزات وما خصه به من الكرامات وحباه به من النصر والتأييد في غزوة بدر وغزوة خيبر وغيرهما وقصة منشئه في اليتم والضعف ومعاداة أهله له وإقامته فيما بين أعدائه يجاهدهم بإنكار دينهم عليهم والدعوة إلى دينه مدة طويلة وسنين كثيرة إلى أن أذن الله له في الهجرة إلى دار غيرها وما جرى للأعداء الذين جاهدوه من النكبات ومصرعهم بين يديه بسيوف أوليائه ببدر وغيرها وظهور الآية العجيبة في هزيمة الفرس ورستم الجبار معهم في ألوف كثيرة على غاية من الحشد والقوة بين يدى سعد بن أبي وقاص وهم في فئة يسيرة على حال من الضعف ومدائن كسرى أنو شروان وانكسار الروم وهلاك عساكرهم على يدي أبي عبيدة بن الجراح رحمة الله عليه ثم سياسة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعدلهما وزهدهما ذلك فإني كنت لكثرة شغفي بأخبار الوزراء والكتاب قد أكتسبت بكثرة مطالعتي لحكاياتهم وأخبارهم وكلامهم قوة في البلاغة ومعرفة بالفصاحة وكان لي في ذلك ما حمده الفصحاء وتعجب به البلغاء وقد يعلم ذلك مني من تأمل كلامي في بعض الكتب التي ألفتها في أحد الفنون العلمية فشاهدت المعجزة التي لاتباريها الفصاحة الآدمية في القرآن فعلمت صحة إعجازة ثم إني لما هذبت خاطري بالعلوم الرياضية ولاسيما الهندسية وبراهينها راجعت نفسي في اختلاف الناس في الأديان والمذاهب وكان أبر المحركات لي في البحث عن ذلك مطالعتي كتاب برذويه الطيب من كتاب كليلة ودمنة وما وجدت فيه فعلمت أن العقل حاكم يجب تحكيمه على كليات أمور عالمنا هذا إذا لولا أن العقل أرشدنا إلى اتباع الأنبياء والرسل وتصديق المشايخ والسلف لما صدقناهم في سائر ما تلقيناه عنهم وعلمت أنه إذا كان اصل التمسك بالمذاهب الموروثة عن السلف وأصل اتباع الأنبياء مما أدى إليه العقل فإن تحكيم العقل على كليات جميع ذلك واجب وإذا نحن حكمنا العقل على ما نقلناه عن الآباء والأجداد علمنا أن النقل عن السلف ليس يوجب العقل قبوله من غير امتحان لصحته بل بمجرد كونه مأخوذا عن السلف لكن من أجل أنه يكون أمرا ذا حقيقة في ذاته والحجة موجودة بصحته فأما الأبوة والسلفية وحدهما فليستا بحجة إذ لو كانتا حجة لكانتا أيضا حجة لسائر الخصوم الكفار كالنصارى فإنهم نقلوا عن أسلافهم أن عيسى ابن الله وأنه الرازق المانع الضار النافع فإن كان تقليد الآباء والأسلاف يدل على صحة ما نقل عنهم فإن ذلك يلزم منه الإقرار بصحة مقالة النصارى ومقالة المجوس

وإن كان هذا التقليد لأسلاف اليهود خاصة دون غيرهم من الأمم فلا يقبل منه ذلك إلا أن يأتوا بدليل على أن آباءهم كانوا أعقل من آباء الأمم وأسلافهم فإن اليهود ادعت ذلك في حق آبائها وأسلافها فجميع أخبار أسلافهم ناطقة بتكذيبهم في ذلك وإذا تركنا التعصب لهم فنحن نجعل لآبائهم أسوة بسائر آباء غيرهم من الأمم فإذا كانت آباء النصارى وغيرهم قد نقلو عن آبائهم الكفر والضلال الذي تهرب العقول منه وتنفر الطباع السليمة عنه فليس بممتنع أن يكون ما نقله اليهود عن آبائهم أيضا بهذه الصفة فلما علمت أن اليهود لهم أسوة بغيرهم فيما نقلوه عن الآباء والأسلاف علمت أنه ليس بأيديهم حجة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير