تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقلت بلى يا نبي الله قال فأي حاجة لهم إلى أن يوصيهم ربهم باتباع من لم ينسخ دينهم ولم يغير شريعتهم أرأيتهم احتاجوا إلى أن يوصيهم بقبول نبوة دانيال أو أرميا أو حزقيل فقلت لا لعمري لم يحتج إلى ذلك

ثم أخذ المصحف من يدي وانصرف مغضبا فارتعت لغضبه وازدجرت لموعظته واستيقظت مذعورا فجلست وكان وقت السحر والمصباح يقد في غاية استنارته فتذكرت المنام جميعه فإذا أنا قد تخيلته لا يذهب علي منه شيء فعلمت أن ذلك لطف من الله سبحانه وتعالى وموعظة لإزالة الشبهة التي كانت تمنعني من إعلان كلمة الحق والتظاهر بالإسلام فتبت إلى الله من ذلك واستغفرته وأكثرت من الصلاة على رسول الله المصطفى.

وأسبغت الوضوء وصليت عدة ركعات لله عز و جل وأنا شديد الفرح والسرور بما قد انكشف لي من الهداية ثم جلست مفكرا فغلب على النوم عند تفكري ونمت

المنام الثاني

فرأيت كأني جالس في سكة عامرة لا أعرفها إذ أتاني آت عليه ثياب المتصوفة وزي الفقراء فلم يسلم علي لكنه قال أجب رسول الله فهبته وقمت معه مسرورا مسرعا مستبشرا بلقاء النبي فسار بين يدي وأنا من ورائه حتى انتهى إلى باب دار فدخله واستدخلني فدخلت وراءه وسرت خلفه في دهليز طويل قليل الظلمة إلا أنه مظلم فلما انتهيت إلى طرف الدهليز وعلمت أنه قد حان إشراف النبي هبت لقاءه هيبة شديدة فأخذت في الاستعداد للقائه وسلامه وذكرت أني كنت قد قرأت في أخباره أنه كان إذا لقي في جماعة قيل سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإذا لقي وحده قيل السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فعزمت على أني أسلم عليه سلاما عاما لتدخل الجماعة في السلام لأني رأيت ذلك كأنه الأولى والأليق

ثم أشرفت على صحن الدار وكان مقابل الدهليز مجلس طويل وعن يسرة الداخل مجلس آخر وليس في الدار غير هذين المجلسين وفي كل واحد من المجلسين رجلان لا أحقق الآن صور أولئك الرجل إلا أني أظن أكثرهم كانوا شبانا لكنهم كانوا كالمتهيئين للسفر فمنعهم من يلبس ثيابا للسفر وأسلحتهم قريبة منهم ورأيت رسول الله قائما فيما بين المجلسين أعني في الزاوية التي في ذلك الركن من أركان الصحن وكأنه قد كان في شغل وقد فرغ منه وانقلب عنه ليشرع في غيره ففجأته بالدخول عليه قبل شروعه في غيره وكان لا بسا ثيابا بيضا وعمامته معتدلة اللطافة وعلى عنقه رداء أبيض حول عنقه وهو معتدل القامة نبيل جسيم معتدل اللون بين البياض والحمرة واليسير من السمرة أسود الحاجبين والعينين وشعر محاسنه نصف كأنه شعره وشعره ومحاسنه أيضا معتدلة بين الطول والقصر ولما دخلت عليه ورأيته التفت إلى ورآني فأقبل علي مبتسما وهش إلى جدا فذهلت لهيبته عما كنت قد عزمت عليه من السلام فسلمت سلاما خاصا فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته وألغيت الجماعة فلم ألتفت ببصري وقلبي إلا إليه فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ولم يكن بين تسليمي عليه وبين سعيي إليه توقف ولازمان بل جريت إليه مسرعا وأهويت بيدي إلي يده ومد يده الكريمة إلي فأمسكتها بيدي وقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وذلك أنه خطر بقلبي أن النجاة منهم من زعم أن الأسماء الأعلام هي أعرف المعارف ومنهم من يقول إن الأسماء المضمرة هي أعرف المعارف وهو الصحيح لأن الكاف من قولي أنك لا يشارك المخاطب فيه أحد لأنها لا تقع إلا عليه وحده فرأيته قد ملئ ابتهاجا ثم جلس في الزاوية التي بين المجلسين وجلست بين يديه وقال تأهب للمسير معنا إلى غمدان للغزاة

فلما قال ذلك وقع في نفسي أنه يعني المدينة العظمى التي هي كرسي ملك وأن الإسلام لم يستول عليها بعد وكنت قد قرأت قبل ذلك أن الطريق الأقرب المسلوك إلى الصين في البحر الأخضر وهو أشد البحار أهوالا وأعظمها أخطارا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير