تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب: هذا بمعنى هذا، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال: {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً}، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية وازدادوا تسعاً بالقمرية، فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا، من الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا، لأن الحساب عند الله تعالى واحد، وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله؟

الجواب: هي الأهلَّة، ولهذا نقول: إن القول بأن "ثلاث مائة سنين" شمسية، "وازدادوا تسعاً" قمرية قول ضعيف.

أولاً: لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا.

ثانياً: أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة، قال تعالى: {هو الذى جعل الشمس صياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} [البقرة: 189] وقال تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج).

...

) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) (الكهف:26)

قوله تعالى: {) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} قوله (قُل) أي قل يا محمد: {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا}، وهذه الجملة تمسك بها من يقول: إنَّ قوله: {ولبثوا فى كهفهم} [الكهف: 25] هي من قول الذين يتحدثون عن مكث أهل الكهف بالكهف وهم اليهود الذين يَدَّعون أن التوراة تدل على هذا، وعلى هذا القول يكون قوله: {ولبثوا} مفعولاً لقول محذوف والتقدير: "وقالوا: لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً"، ثم قال: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} ولكن هذا القول وإن قال به بعض المفسرين فالصواب خلافه وأن قوله: {لبثوا} من قول الله، ويكون قوله: {أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} من باب التوكيد أي: توكيد الجملة أنهم لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً، والمعنى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} وقد أعلَمَنا أنهم لبثوا {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} وما دام الله أعلم بما لبثوا فلا قول لأحد بعده.

قال الله: {له غيب السماوات والأرض} أي له ما غاب في السموات والأرض، أو له علم غيب السموات والأرض، وكلا المعنيين حق، والسموات جمع سماء وهي سبع كما هو معروف، والأرض هي أيضاً سبع أرَضين، فلا يعلم الغيب - علم غيب السموات والأرض - إلَّا الله، فلهذا من ادعى علم الغيب فهو كافر، والمراد بالغيب المستقبل، أما الموجود أو الماضي فمن ادعى علمهما فليس بكافر؛ لأن هذا الشيء قد حصل وعلمه من علمه من الناس، لكن غيب المستقبل لا يكون إلَّا لله وحده، ولهذا من أتى كاهناً يخبره عن المستقبل وصدَّقه فهو كافر بالله؛ لأنه مكذب لقوله تعالى:) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) (النمل: من الآية65)، أما ما كان واقعاً؛ فإنه من المعلوم أنه غيب بالنسبة لقوم وشهادة بالنسبة لآخرين.

(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هذا يسميه النحويون فعل تعَجُّب.

(أَبْصِرْ بِهِ) بمعنى ما أبصره.

(وَأَسْمِعْ) بمعنى ما أسمعه، وهو أعلى ما يكون من الوصف، والله تبارك وتعالى يبصر كل شيء، يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في ظلمة الليل، ويبصر ما لا تدركه أعين الناس مما هو أخفى وأدق، وكذلك في السمع، يسمع كل شيء، يعلم السر وأخفى من السر ويعلم الجهر) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) (طه:7). تقول عائشة في قصة المجادلة التي ظاهر منها زوجها، وجاءت تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة في الحجرة، والحجرة صغيرة كما هو معروف، وكان الرسول يحاور المرأة وعائشة يخفى عليها بعض الحديث، والله يقول:) قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1). تقول عائشة "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي الحجرة وإنه ليخفى عليَّ بعض حديثها"، والله فوق كل شيء، ومع ذلك سمع قولها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير