وقد أوضح أبو الطيِّب رأيه في الشيعة الإمامية الاثني عشرية، واستهزأ بأسطورة الغيبة ومهديِّ الإمامية! وقد وقعت حادثة الغيبة المزعومة في منتصف حياة أبي الطيّب، وهو الرجل الكوفي الذي ادَّعى الانتساب إلى العلويين ذات مرَّة! كمع أنه ان في الشام آنذاك، فقد يتابع أخبار العراق أولاً بأول، وما كانت هذه الحادثة الغريبة وما يدور حولها من خصومات وجدل مذهبي ليخفى على مثله. فلما مدح ابن العميد بعد حادثة الغيبة بخمس وعشرين سنة ـ وهو رجل فارسيّ لم يكن صاحب دعوة مذهبية ولم يزعم أنَّه المهديّ ولم ينتسب إلى آل البيت، وبالتالي لم يُطالب الشعراء بمثل هذا الكلام ـ قال له أبو الطيِّب:
فإن يكنِ المهديُّ مَنْ بانَ هَدْيُهُ * فهذا، وإلا فالهُدى ذا فما المَهْدي؟!
يعلِّلنا هذا الزَّمانُ بذا الوعدِ * ويَخْدَعُ عمَّا في يديه من النَّقْدِ
هل الخيرُ شيءٌ ليس بالخيرِ غائبٌ؟ * أو الرُّشْدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشْدِ؟
ولا معنى لهذه الأبيات إلا أنه يسخر بحادثة الغيبة ويعتبرها خدعةً من خدع الزمان ووعداً كمواعيد عرقوب، ويتَّخذ السخرية بها أداةً لكسب الدَّراهم، وقطعت جهيزةُ قول كلّ خطيب! فكيف لو عاش في عصرنا ورأى الرافضة ينتظرون خروج المهديّ المزعوم من السرداب!
وإليك شرح الواحدي لهذه الأبيات الثلاثة:
(1) إنْ كان المهديُّ في الناس مَنْ ظهر سَمْتُهُ وصلاحُه وهُداه، فهذا الذي نراه [أي ابن العميد] هو المهديُّ الموعودُ يملأ الأرضَ قِسْطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً. وإنْ لم يكن هو الموعود، فما نراه نحن من طريقته وسيرته هُدىً كلّه، فما معنى المهديّ بعد هذا؟
(2) الزمان يَعِدُنا خروجَ المهديّ، فيُعلِّلُنا بوعدٍ طويل، ويخدعنا عمّا عنده من النَّقْد بالوعد. يعني أن الممدوح هو المهديّ نقداً حاضراً، وما يُنتظر خروجُه وَعْدٌ وتعليلٌ وخِداعٌ.
(3) لا ينبغي أن يُعتقَد في الخير والشرّ الحاضرَيْن أنهما ليسا بخير ولا شرّ، كذلك لا ينبغي أن يقال: ليس ابنُ العميد المهديَّ والمهديُّ غيرُه. وهذا استفهامٌ معناه الإنكار.
واستنكر ابن مَعْقل الأزدي ـ وهو شيعيّ إمامي ـ هذا القول على أبي الطيّب لأنه يتعارض مع أصول المذهب فقال (لا يُنْكَر للمتنبِّي أن يدَّعي في ابن العميد أنه المهديّ! ولو علم أنه يزيده في العطاء بزيادته على ذلك لقال إنَّه نبي، بل قال إنَّه إله! وتهوُّره في هذا المديح يدلّ على تهوُّره في الضلال ووقوعه في الوبال!). وقال صاحب التببيان (لم يختلفوا في أنَّه [أي المهديّ] من قريش وأنَّه من ولد عليّ رضي الله عنه، إلا أبا الطيّب: فإنه جعله في هذا البيت أبا الفضل بنَ العميد).
لقد كان قدماء الشيعة على شيء من الحياء والأمانة العلمية، وأما شيعة اليوم ـ من أمثال محسن الأمين صاحب أعيان الشيعة - فتبلغ بهم الخيانة والوقاحة أنهم يقرأوان هذه الأبيات الصريحة فيتجاهلونها ويزعمون أن المتنبي من طائفتهم!!
فالحاصل أن القول بأن المتنبي من الطائفة الشيعية الاثني عشرية كذب ظاهر، وغاية ما هناك أنه كوفي، والكوفة من معاقل الشيعة المعروفة. ولكنها الشيعة الزيدية. بل إن أشرافها كانوا على المذهب المالكي!
وغفر الله للأستاذ محمود شاكر، فهو الذي فتح هذا الباب!
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[03 - 09 - 08, 11:15 ص]ـ
غفر الله لنا و لكم ..
رويدك يا صاحبي ..
فإني أرى لمزا و غمزا خفيا في محمود شاكر و ليس استدراكا علميا ..
فزعمك أنه ادعى في شبابه علوية أبي الطيب "قبل أن يستحكم علمه" وهكذا باللون
الأحمر!! ..
كيف و قد أعاد الأستاذ العلامة المحقق محمود شاكر نشر كتابه المتنبي بعد أربعين سنة مرة
أخرى و جعل رسالته في الطريق إلى ثقافتنا مقدمة له .... فهل كان محمود شاكر بعد أربعين
سنة أيضا لم يستحكم علمه!!
ثم إن هناك فرقا بين علوية النسب و شيعية المتنبي! فأين وجدت أن محمود شاكر زعم أن
المتنبي شيعي المذهب و المعتقد
ثم أراك تدلل بتحقيق علمي!! على أن شيعة الكوفة ليسوا على المذهب الشيعي السقيم و أنهم كانوا مالكية زيدية -فأين الاستدراك هنا على العلامة شاكر و حديث شاكر عن النسب و ليس عن المعتقد!! - أليس هذا بخلط بارك الله فيك
وأراك قد أسقطت شاكرا بقولك
"ثم أقرَّ بأخرَة بأن هذه الدعوى لا أساس لها من التاريخ، وأنه وصل إليها من خلال ما أسماه "منهج التذوُّق"، أي الشعور الحدسي الذي وجده وهو يقرأ شعر المتنبي ويرى تعاظمه لنفسه، فيبغي إذن أن يكون من سلالة أعظم العلويين"
وكأنه يدعي هكذا ما ادعاه بلا تحقيق و لا تتبع و لا استقراء و حاشاه من محقق بارع ..
ليس مستحيلا أن نجد لمن سبق من المحققين البارعين بعض الأخطاء لكن على أن تكون أخطاء بحق لا ادعاءا بأنها أخطاء ..
ـ[بهاءالدين بن الابيض]ــــــــ[03 - 09 - 08, 03:10 م]ـ
الحمد لله الذى اخرج لنا من يرد كلام الشيخ محمود محمد شاكر ابو فهر
وكأن الشيخ كان مغفل ولم يكن يعرف ماذا يكتب
سبحان الله
سبحان الله
والله موضوع يحرق الدم
¥