[مسجد الحمراء سابقا: كنيسة سانتا ماريه حاليا]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[05 - 10 - 08, 04:31 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
قال عز وجل: "و من اظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه و سعى في خرابها. أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين. لهم في الدنيا خزي. و لهم في الآخرة عذاب عظيم" البقرة. الآية 114.
مسجد قصر الحمراء هو آخر مسجد استولى عليه النصارى في الأندلس وكان ذلك يوم تسليم أبي عبد الله الصغير لغرناطة للطاغية فرديناند و زوجته إيسابيلا في يوم نكسة للمسلمين. و على أنقاضه قامت اليوم كنيسة سانتا ماريا صاحبة الحمراء Santa maria de Alhambra.
شاء الله عز و جلّ ألا نرى هذا المسجد و لو في ثياب الشرك المذلة فقد أقدم النصارى على تدمير المسجد تدميرا كاملا و أقاموا فوقه كنيسة تفننوا –على عادتهم-في تجهيزها و زخرفتها و نحث التصاوير فيها. و لم يُحفظ من المسجد سوى مصباح موضوع اليوم بمتحف مدريد الوطني. لكن مؤرخينا –رحمهم الله- نقلوا إلينا شذرات مهمة على قلّتها عن هذا المسجد الزائل بزوال دولة الإسلام بالأندلس.
http://www.legadoandalusi.es/legado/contenido/rutas/jpg/HEI28058.jpg
صورة للكنيسة.
يقول مؤرخ الأندلس المعاصر محمد عبد الله عنان رحمه الله واصفا هذا المسجد:
" وكان مسجد الحمراء يقع في وسط الهضبة, جنوبي الروضة, في نفس المكان الذي تحتله اليوم كنيسة سانتا ماريا, وقد أمر بإنشائه السلطان محمد المخلوع, المعروف بمحمد الثالث ملك غرناطة (سنة 1302م-1309م) , أنشأه على أبدع طراز, و زوده بالعمد و الزخارف و الثريات الفخمة و كان على صغر مساحته, من أفخم مساجد غرناطة." (1)
و ذكر ذو الوزارتين لسان الدين بن الخطيب الغرناطي في مناقب محمد المخلوع: " و أعظم مناقبه المسجد الجامع بالحمراء, على ما هو عليه من الظرف و التنجيد و الترقيش, و فخامة العُمُد, و إحكام أنوار الفضة, و إبداع ثُراها, ووقف عليه الحمام بإزائه, و أنفق فيه مال الجزية, و أغرمها لمن يليه من الكفار, فدَوا به زرعا ... " (2)
http://www.artehistoria.jcyl.es/artesp/thumb/LOR19798.jpg
الكنيسة من الداخل
و قد كانت عادة المسلمين بالأندلس أن يبنوا المساجد من أموال الغنائم و الجزية إذلالا للكفر و عزة للإسلام. و كان هذا هو حال مسجد الحمراء كما ذكر ابن الخطيب. و لعل النصارى قد وعوا هذا الأمر فانتقموا من هذا المسجد بعد سقوط غرناطة و حمرائها بيدهم.
يقول عبد الله عنان: "و لما احتل الأسبان غرناطة, تركوا المسجد على حاله عصرا, بعد أن أقاموا فيه هيكلا و استعملوه كنيسة, ثم هدم في سنة 1576, في عصر فيليب الثاني ولد الإمبراطور شارلكان, و أقيمت مكانه الكنيسة التي سميت باسم "كنيسة سانتا ماريا" وقد بنيت على شكل صليب لاتيني. وهي ذات برج شاهق يعلو كل صروح الحمراء.
و لم يبق من آثار مسجد الحمراء القديم, سوى مصباح برونزي بديع الزخرف, يحفظ الآن بمتحف مدريد الوطني". (3)
و انطلقت الأشغال لبناء الكنيسة سنة 1581م و كان أمبروسيو فيكو Ambrosio Vico مديرا للأشغال.
و بداخل الكنيسة اليوم ستة معابد متكئة على جانبي الصحن الوحيد. أما واجهة الكنيسة فهي عادية ومبنية بالآجر و الأحجار. ولازالت اليوم تحافظ على معالمها الرئيسية كاللوحة المزخرفة الضخمة التي رسمها سنة 1671م خوان لوبيز دو ألماغرو Juan L?pez de Almagro و تمثال الصلب الذي أنشأ سنة 1634م على يد ألونسو دي مينا. Alonso de mena
http://www.andygilham.com/granada/granada%20256.jpg
و قد أُحبط النصارى لما رأوا أن ما اقترفته أيديهم بالحمراء أدنى أناقة و إبهارا مما خلفه المسلمون بل كان نشازا استهجنه الأسبان أنفسهم. و الزائر للحمراء يلاحظ الفرق بين البناء الإسلامي النادر الوجود و البناء النصراني المُحدث الذي يمكن أن تجده في أي مكان من بلاد النصارى.
و في هذا السياق نقل الفيلسوف الأمريكي الشهير جوزيف ماكيب عن المؤرخ سكوت قوله الناقم على ما جنته الكنيسة على قصر الحمراء و تشويهها له ,حيث قال:" ماذا عوّضنا الغازي الصليبي القشتالي الهمجي عن تلك القصور؟ و أي فائدة يجنيها النوع البشري من وراء تخريبها؟ ". (4)
¥