تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول ابن خلدون: "و لما قرب معسكرهم سرّب الطاغية إلى طريف جيشا من النصارى أكمنه بها, فدخلوه ليلا على حين غفلة من عسس المسلمين الذين أرصدوا لهم, غير أنهم أحسوا بهم آخر ليلتهم, فثاروا بهم من مراصدهم و أدركوا أعقابهم قبل دخول البلد, فقتلوا منهم عددا و لبّسوا على السلطان بأنه لم يدخل البلد سواهم حذرا من سطوته. و زحف الطاغية من الغد في جموعه, و عبّى السلطان مواكب المسلمين صفوفا, و تزاحفوا و لما نشب الحرب برز الجيش الكمين من البلد و خالفوهم إلى المعسكر, و عمدوا إلى فسطاط السلطان و دافعهم عنه الناشبة الذين أعدّوا لحراسته فاستلحموهم. ثم دافعهم النساء عن أنفسهن فقتلوهن و خلصوا إلى حظايا السلطان: عائشة بنت عمه أبي يحي بن يعقوب, و فاطمة بنت مولانا السلطان أبي يحي (الحفصي) ملك أفريقية, و غيرهما من حظاياه فقتلوهن و استلبوهن. و انتهبوا سائر الفساطيط و أضرموا المعسكر نارا و أحس المسلمون بما و راءهم في معسكرهم فاختلّ مصافهم و ارتدوا على أعقابهم بعد أن كان ابن السلطان صمم في طائفة من قومه و ذويه حتى خالطهم في صفوفهم, فأحاطوا به و تقبضوا عليه, وولى السلطان متحيزا إلى فئة المسلمين, و استشهد كثير من الغزاة ... و لحق ابن الأحمر بغرناطة, وخلص السلطان إلى سبتة في ليله و محّص الله المسلمين و أجزل ثوابهم. و أرجأ لهم الكرّة على عدوّهم." (3)

و هذه ثاني النكبات التي لحقت بالسلطان أبي الحسن رحمه الله. و قد علّق المقري صاحب النفح على هذه المعركة: "فقضى الله الذي لا مرّد لما قدره أن صارت تلك الجموع مكسرة, و رجع السلطان أبو الحسن مغلولا و أضحى حسام الهزيمة عليه و على من معه مسلولا .. و قتل جمع من أهل الإسلام و لمّة وافرة من الأعلام .. و اشرأب العدو الكافر لأخذ ما بقي من الجزيرة ذات الظل الوريف, و ثبت قدمه إذ ذاك في بلد طريف, و بالجملة فهذه الموقعة من الدواهي المعضلة الداء, و الأرزاء, التي تضعضع لها ركن الدين بالمغرب, و قرت بذلك عيون الأعداء" (4)

و خلال هذه المعركة استولى النصارى على لواءي الجيش المسلم و حملوهما فورا إلى كنيسة طليطلة العظمىتخليدا لهذه المعركة التي انتصر فيها الصليب على المسلمين.

2 - علما السلطان أبي الحسن المريني بكاتدرائية طليطلة

أسهب مؤرخ الأندلس المعاصر الأستاذ المصري محمد عبد الله عنان رحمه الله في الحديث عن هذين العلمين و وصفهما و صفا مستفيضا و نقل ما كٌتب في تلك الأعلام من كلام طيب. فقال: "على أن أهم ما يثير طلعة الباحث بين ذخائر كنيسة طليطلة, هو علما السلطان أبي الحسن المريني, اللذان غنمهما الإسبان, في موقعة سالادو أو موقعة طريف, و هي الموقعة التي نشبت بين الإسبان, و بين الجيوش الأندلسية و المغربية المتحدة, بقيادة السلطان يوسف أبي الحجاج و السلطان أبي الحسن المريني الذي عبر إلى إسبانيا لنجدة المسلمين, و ذلك في 30 أكتوبر سنة 1340م (جمادى الأولى سنة 741ه) و هُزم فيها المسلمون هزيمة فادحة, و سقط معسكر السلطان أبي الحسن في يد النصارى, وكان من أسلابه هذان العلمان, اللذان مازالت تحتفظ بهما حتى اليوم إسبانيا النصرانية, عنوانا لظفرهما في ذلك اليوم المشهود.

و قد علق هذان العلمان الإسلاميان, على جدران قاعة الثياب المقدسة. و أولهما عبارة عن سجادة كبيرة مذهبة الجوانب, طولها 3.70 مترا و عرضها 2.20 مترا, ذات لون أصفر , و قد نقشت في شريطيها الأعلى و الأسفل بحروف بيضاء هذه العبارة: "النصر و التمكين و الفتح المبين, لمولانا أبو الحسن أمير المسلمين"

و نقش في باطنها , في عدد من الدوائر بلغت ستة عشر, العبارات الآتية بأحرف سوداء:" و ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" " الحمد لله على نعمته" " الملك الدائم" " العز القائم" " اليمن الدائم" " العز القائم".

وفي ذيلها أنها صنعت للسلطان في المدينة البيضاء في شهر جمادى الآخر عام أربعين و سبعمائة.

و ثانيهما عبارة عن سجادة أصغر حجما, يبلغ طولها 2.80 مترا و عرضها 2.20 مترا, و قد علقت إلى جانب الأولى, ذات لون أزرق, و نقوشها من النواحي الأربعة بيضاء, و فيها عدة أهلة و نجوم. و قد نقش في شريطها الأفقي الأعلى ما يأتي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير