و لأهميتها التاريخية الكبرى و علاقتها المتشابكة مع موضوعنا ننقل هنا جزءا منها:
" دون كارلوس, برحمة الإمبراطور الإلاهية, إليكم, رؤساءنا و حكامنا و مستشارينا الملكيين بأراضينا الهندية, هذه الجزر الصامدة في البحر المحيط؛ إلى كل حكامنا و القضاة بالجزر و الأقاليم بأراضينا الهندية و إلى كل واحد منكم عُرضت عليه هذه الرسالة ( ... ): لقد أُخبِرنا بمرور بعض العبيد البربر ذكورا و إناثا و آخرين أحرار من المورو المتنصّرين حديثا رفقة أبنائهم , وهؤلاء ممنوعون من العبور مهما كانت الأسباب نظرا للأضرار التي بالتجربة عرفناها ( ... ) و لأنه بأرض جديدة كهذه , حيث زُرِعت العقيدة حديثا, علينا استغلال كل فرصة لمنعهم من زرع و نشر فطريات محمد أو غيرها من التي تهاجم الرب –ثم تابع – هكذا قرر مجلس الأراضي الهندية أن كل العبيد البربر ذكورا و إناثا و الأشخاص الحديثي العهد بالنصرانية من المورو و أبنائهم وجب طردهم من الجزيرة و الإقليم حيث يوجدون ... "
4 - لماذا اكتشفت أمريكا في زمن متأخر؟
الملاحظ أن هذا الخوف من الدين الإسلامي الذي زُرِع في أمريكا لم يكن مقتصرا على أصحاب القرار بل حتى مؤرخو و مفكرو تلك الفترة. فهذا فراي بيرناردينو دي سياكون Fray Bernardino De Sahagun أفلت منه اعتراف عميق في تاريخه العام "أحداث إسبانيا الجديدة" حيث قال: " و كذلك عُلِم يقينا أن ربّنا قد احتفظ بهذا الجزء من الأرض مخفيا حتى هذا الوقت لأن قضاءه الإلهي أراد أن يظهرها للكنيسة الرومانية الكاثوليكية".
هنا نتساءل: مخفية عمّن؟ نعتقد أن الإجابة جد واضحة.
5 - نجاح الأندلسيين في المرور رغم المنع
لكن رغم قرار المنع الصادر سنة 1543 يبدو أن العبيد قد نجحوا في الوصول للعالم الجديد, خاصة ما بين عام 1492 و تاريخ صدور قرار المنع. لقد اجتذبتهم تقارير المهاجرين الأوائل الذين رحلوا إلى هناك إما للاستطلاع أو للاستقرار, و كذلك للاضطهاد الذي عانوا منه فقرر البعض المغامرة في البحر الاطلسي فرارا من محارق محاكم التفتيش. (كالمورسكيون الأربعة الذين تابعتهم محاكم التفتيش حسبما أخبر به لوي كاردياك و آخرون).
و كما قال مانويل توسانت معلقا على القرار الملكي: (لكن نفس المنطق "نظرا للأضرار التي بالتجربة عرفناها" تعني أن عددهم كان كبيرا في المستعمرات خلال ذلك التاريخ). توسانت ص 10.
بالفعل فخلال خمسين سنة قطعوا خلالها المحيط من اللازم أن يكون عددهم كبيرا. هكذا تمّ طرح الموضوع بشبه الجزيرة الإيبيرية نظرا للنتائج العنيفة التي خلفتها محاكم التفتيش. كما نعتقد انه لا يمكن استبعاد أن البعض –أو ربما العديد – أمام الحقيقة المُرّة لمغادرة أراضيهم اختاروا الذهاب إلى أبعد مكان.
يقول توسانت: "يمكن أن نقول أن خلال احتلال إسبانيا الجديدة و بلدان أمريكا الأخرى عبر العديد من المنحدرين من المورو. فالأسماء و الألقاب تدعم هذا القول, و بما أن نقاء الدم يمنع من الزعامة في إسبانيا, رحل العديدون عنها بعيدا و أنشئوا حياتهم بأرض بعيدة".
6 - أندلسيون ساهموا في احتلال البيرو
لقد ثبت بالوثائق أن 200 مورسكي اشتركوا كجنود في جيش Almagro ( المغراوي) لاحتلال البيرو. لكن في حالة المكسيك لا توجد حالات كهذه, فكما قال توسانت:"الشيء المثير للاهتمام و الفضول بعد التثبت –يقول هذا الكاتب – هو أنه بين قضايا الابتداع العديدة المحفوظة لدى محاكم تفتيش الدولة المكسيكية, الجزء الأكبر, بل الغالبية الساحقة متابعون على أنهم يهود و لا يوجد متابعون بالإسلام" (نفس المصدر ص 10). إنها ملاحظة جيدة بخصوص من فرّ من بين مخالب محاكم التفتيش.
تعتبر التقية و الكتمان في الإسلام خيارا يسمح للمسلم بإخفاء عقيدته إن كانت حياته في خطر. أكثر من هذا:" الذين كانوا في المكسيك لم يُظهروا لعقيدتهم نفس الحمية التي كانت لأتباع دين موسى" (توسانت ص 10).
7 - فقدان الروابط الاجتماعية بين الأندلسيين في المكسيك
على أي حال, إذا كان المورسكيون مرّوا إلى إسبانيا الجديدة فإن الرجال وحدهم هم الذين مرّوا و خاصة الذين أحسوا بمستقبل قاتم للمحافظة على عاداتهم و تقاليدهم الخاصة. الاجتثاث, المبني على غياب مؤسسة عائلية مورسكية بأمريكا سيؤدي إلى توجيه تعريف الهوية المورسكية نحو أبعاد أخرى.
¥