إن بناء المجتمع المدجن و المورسكي بإسبانيا اعتمد على 3 محاور رئيسية: العائلة, الجماعة و الأمة. في إسبانيا تحولت الأمة إلى مآل محزن, أما الجماعات التي تشكل النواة التي يقوم عليها المجتمع و التي تضمن استمرارية الهوية ( Epalza p 101) , في كل مرّة كانت لها مشاكل للاستمرار في لمّ شمل المورسكيين. إن الأمة كالجماعة تحولت إلى ماض يشده الحنين و يعيش في صمت و سيٌستنزف تماما مع مرور الوقت. أمّا الهوية الشخصية فطبعا ضعفت مع الوقت كذلك بفعل الزواج المختلط و تبني الطقوس الجديدة في أية مناسبة لتفادي إثارة الشبهات و السقوط بين مخالب محاكم التفتيش المسماة sant oficio.
كما شاهدنا فمن هوية جماعة بكاملها تحولنا إلى هوية الفرد التي تحولت و تبنت الحقيقة الجديدة.
أسطورة مغربي بالمكسيك
يمكن أن يكون المثال الأكثر تعبيرا و الذي نعرفه هو ل Estebanico de Orantes إيستبانكو دو أورانتس المعروف ب إيستبانكو المورو أو الأسود , و هو من طليعة المحتلين و المبدع الاصلي لأسطورة المدن السبعة؛ هكذا علّقت Alicia Arias Coello في دراستها عن "الصورة الأسطورية لأمريكا بإسبانيا خلال القرن 16".
لم يكن هذا الرجل موريا بالتحديد لكنه من قبيلة دكالة (المغرب). إنه نموذج للانصهار بالمجتمع المحلي فقد وضع تاج الريش على رأسه و الأجراس على كاحليه و يديه و تعلّم لغات الهنود و مارس –وسط هؤلاء – طقوسهم المحلية.
8 - مساهمة الأندلسيين في الحضارة المكسيكية (صناعة الحرير)
لم يكن الأمر مقتصرا فقط على الإستقبال بل جاؤوا بثقاقتهم إلى البلد المستقبل. من بين المساهمات المورسكية نجد ازدهار فن الحرير إلى حد أن أول أسقف بالمكسيك Juan de Zumarraga فكّر في جلب مجموعة من المورسكيين من غرناطة ليهتموا بثقافة الحرير و ليُعلّموا هذا الفن للهنود. هذه العريضة قدّمت للملك و نال الأسقف على إثرها نظرة طيبة من العاهل, هذا حسب رواية Garcia Icazbalceta في مؤلفها "صناعة الحرير بإسبانيا (6 - 1935).
يقول توسانت:" هذا دليل على ان مسألة مرور المورسكيين إلى إسبانيا الجديدة لم يكن ينظر إليه بهلع في بداية القرن السادس عشر, الشيء الذي تغيّر بعد قيام محكمة التفتيش Sant oficio( توسانت ص 9). رغم ذلك فغن هذا المشروع لم ير النور لكن المؤكد هو وجود مورسكيين عملوا في هذا الميدان إلى حد أنه في بداية القرن السابع عشر تم التفكير في إنشاء قيصرية بالمنازل الوجودة ب Cortes , و هو سوق للحرير تحدّث عنه Lucas Alaman في الجزء الثاني من مؤلفه "أطروحات حول تاريخ الجمهورية المكسيكية" (ص 207). هذا المشروع لم ير النور كذلك لكن فُتحت مكانه شوارع ضيقة حملة اسم قيصرية و توسّعت هذه الزقاق حتى أصبحت أصل شارع Calle palma بالعاصمة المكسييكية (توسانت ص 47).
إلى جانب ازدهار فن الحرير في القرون التالية للاحتلال نجد سيادة النمط المورسكي للحياة و العادات المكسيكية: " الزرابي المورسكية التي لا تتنافس إلا مع نظيراتها التركية؛ الجلود المغطية للأبواب؛ المنصات الصغيرة التي تجلس عليها النساء فوق المساند؛ المناضد المنحدرة التي تُستعمل كمركز للغرفة؛ الشبابيك الخشبية الرقيقة لمنع النظر إلى داخل المساكن؛ و الستائر المشكّلة لغرف استقبال صغيرة (وسط الإسطبلات الكبيرة) (توسانت ص 10). حتى في الأطعمة وُجد هناك تأثير مدجّن , فهناك ما يُعرف باسم "حلويات بويبلا" Dulces de Puebla ذات الأصل الشرقي كما يدل على ذلك اسمها: الفاخوري Alfajores و الفنيقيس Alfeniques. و هناك أطعمة أخرى لها نفس الأصل ك Los camotes ( البطاطا المطهية) و حلويات اللوز و Tortitas ( أظنه الخبز المحلى) و غيرها. (توسانت 47).
9 - البصمات الأندلسية في الميدان المعماري
¥