يبدو أن البصمات المورسكية تظهر بشكل جلي في المجال المعماري. فوجود مظاهر مُدجّنة هو شيء واضح و بدأ ظهوره بالمكسيك في القرن السابع عشر و هو ما يُصادف طرد المورسكيين من شبه الجزيرة الإسبانية, حسب قول توسانت (توسانت ص 10). و يخبرنا هذا الكاتب أن ما وُجد و لازال يوجد من معالم تشبه ما بناه المورو بإسبانيا. على سبيل المثال المعابد المفتوحة على طراز مساجد المسلمين كالكنيسة المعروفة باسم San José de Los Naturales , و الملحق بدير San francisco بالمكسيك و المكوّن صحون جميعها مفتوحة في أقصاها مع سقف تدعمه أقواس و هو يشبه في تركيبه جامع قرطبة. للأسف لم يتم حفظ هذه المعلمة لكن المعبد الملكي ل Chulula ظل كما بٌني في القرن السادس عشر و رغم تعرّضه لبعض التغييرات فقد ظل شبيها بجامع قرطبة. (توسانت ص 26).
يقول دييغو أنغولو إنييكيز Diego Angulo Iniguez في كتابه "تاريخ الفن الإسباني-الأمريكي" (ص 144) " يجب الإعتراف أن أولئك الذين بنوا معبد Chulula الملكي كانوا يحملون ذكريات الصحون العديدة لجامع قرطبة – وتابع- فإذا كانت هذه الحالة فريدة على مستوى البناء فإن على مستوى التزيين كان الأثر المدجّن ذائعا"
إذن المظاهر الأكثر بروزا هي التزيين عبر النقوش المربّعة بخطوط هندسية, و صناعة السقوف المنحدرة, و الزخارف المنقوشة و الأقواس (ككنيسة Carmen de laVirgen ب Tepotzotlan) , و الأعمدة الاسطوانية و الأقواس على شكل حوافر الحصان, و أسوار القلاع ذات التحديبات المنتظمة و استعمال الطوب و الزليج (و هي علامة مميزة بين المدينة و القرية) و التزيين عبر الزخرفة النباتية ... إلخ. "في المكسيك, الذوق للبناء و الزخرفة المدجنة امتدت طول الفترة الإستعمارية و القرن التاسع عشر ( ... ) و استمرّ كحركة لصالح الفن المورسكي المسجّل بمدن البلاد" حسب ما أفادت به إليزا غارسيا براغان Elisa Garcia Barragan.
" مجتمع الابتكار المحض" أصبح "دائرة كاثوليكية" ب Puebla ( مع وجود باحة مورسكية ثمينة و طابقها على شكل مربع به رسوم هندسية على طراز الحمراء) " و الخيمة المورسكية" (نسخة كاملة لأقواس الحمراء و قصر إشبيلية) بالعاصمة المكسيكية هو مثال جيد لهذا. فيبدو أن الإلهام قد اعتمد على هذا الماضي. لكن هناك منطق آخر يقول أن هذه الآثار قد بنيت في فترة كان فيها المورسكي و الشرقي قد غادرا للتو طرازا آخر.
10 - خاتمة
في الختام نريد أن نقول أنه كما في إسبانيا قد مرّت عناصر شرقية إلى الثقافة الإسبانية عبر المدجنين و المورسكيين , فكذلك بالمكسيك مرّت عناصر إسبانية-عربية على يد المورسكيين و الأندلسيين أو الإسبان على العموم بما أن التقاليد العربية شكلت جزءا لا يتجزأ من الثقافة الإسبانية.
يقول توسانت:" من الواضح أن هذه التقاليد جلبها المسيحيون الأندلسيون أنفسهم فقد كانوا مجبرين على العيش جنبا إلى جنب مع المورو طيلة قرون, فتبنوا عاداتهم عن طيب خاطر, لكن هناك شيء ما أشعل الفتنة حتى لا تفشل محارق محاكم التفتيش" (توسانت ص 10). و طبعا كان من بين من مروا إلى المكسيك مورسكيون أصليون.
رغم أنها ليست موثقة فإن المعطيات التي تأكّد الوجود المورسكي بالمكسيك تبيّن أن هذا التجمع البشري في هذه البلاد و في نقاط أخرى من القارة الجديدة قد كان حقيقة. حقيقة خامدة, خامدة و صامتة في نفس الوقت: خامدة من طرف السلطات بما أن المصادر التاريخية الرسمية لتلك الفترة لم تتطرق لهدا الموضوع, و صامتة بالنسبة للمورسكيين الأوائل الذين أخفوا هوياتهم حتى لا يسقطوا بين مخالب محاكم التفتيش. إن مصيرهم هو الصمت للأبد فلم يكن لهم حتى امتياز ذكرهم في الأرشيف العام للدولة.
و في النهاية, و حتى نختم, نستطيع أن نقول أن المورسكي القادم من مجال و نموذج مثالي للتهجين أصبح جزءا لا يتجزأ من التقليد المكسيكي , خاصة إذا علمنا أن السكان الاصليين, الوارثين لتقليد فني عجيب, شاركوا في مجموعة أعمال فنية و معمارية دمجوا فيها ثقافة جديدة جاعلين منها هوية ثقافية مكسيكية مركّبة.
انتهى
تم التعريب و لله الحمد. و صلى الله و سلّم و بارك على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
عرّبه و كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي غفر الله له و لوالديه و لجميع المسلمين و المسلمات.
¥