((وقد اختلف مؤرخواالفرق في هوية ابن إباض، فمنهم من يذهب إلى أنه هو الذي خرج أيام مروان بن محمدآخر خلفاء بني أمية كما رجّحه الشهرستاني في كتابه ((الملل والنحل))، ومنهم من ذهبإلى أن ابن إباض هذا كان مع نافع بن الأزرق الخارجي ثم انشق عنه وفارقه، كما قاله الطبري فيتاريخه، والإباضية أنفسهم يؤكدون ما مال إليه الطبري ويقولون: أن ابن إباض ظهر فيأيام معاوية، وعاش إلى زمن عبد الملك بن مروان، وكان في أول أمره مع نافع بنالأزرق الخارجي، ثم اختلف معه وفارقه ورد عليه كما جاء في كتاب ((العقود الفضية في أصولالإباضية)). (بتصرّف من مقال للشيخ أبي عبد الباري عبد الحميد العربي حول مسند الربيع منشور على موقعه)
والإباضية طوائف وفرق أذكر منها ما ذكره الشهرستاني في ((الملل والنّحل 1/ 146 المكتبة التوفيقية تحقيق محمد بن فريد)): قال بعد ذكر جملة من مقالاتهم: ((وهم جماعات مُتفرّقون في مذاهبهم، تفرّق الثعالبة، والعجاردة.
أ - الحفصيّة: هم أتباع حفص بن أبي المقدام ...
ب - الحارثيّة: أصحاب الحارث الإباضي ...
ت - اليزيديّة: أصحاب يزيد بن أنيسة ... ))
وقال فيهم عبد القاهر البغدادي رحمه الله: ((هم أتباع عبد الله بن أباض، أحد بني مرة بن عبيدة من بني تميم، وهم فرقة من الخوارج قالت بإمامته وافترقت هذه الجماعة فيما بينها فرقا يجمعها القول بأن كفار هذه الامة براءاء من الشرك والايمان وانهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفارا.
وهم فرق أربع: الحفصية والحارثية واليزيدية وأصحاب طاعة لا يراد الله بها)). (الفرق بين الفرق ص 70 بتصرّف).
قال الإمام السمعاني رحمه الله: ((والإباضية جماعة وفرق مختلفة العقائد يُكفّرُ بعضهم بعضاً)) (الأنساب 1/ 87)
وطائفة تنقسم إلى طوائف مختلفة ومتناحرة يضلّل بعضها البعض لا خير فيها، وصدق الله تعالى إذ يقول: ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)).
فصل
براءة الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي رحمه الله من الإباضية براءة الذئب من دم يوسف!!
إنّ الإباضية -كغيرها من فرق الضلال- تدّعي صلتها بكبار علماء الأمّة وأحبارها وساداتها فكما نسبت الرافضة نفسها إلى علي وابنه الحسين رضي الله عنهما وإلى جعفر الصادق رحمه الله وكما نسبت الصوفية نفسها إلى أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه وإلى الحسن البصري رحمه الله تعالى فقد نسبت الإباضية نفسها إلى رجل من كبار فقهاء الأمّة ومن سادات الأمّة أعني به الحبر الجليل جابر بن زيد الأزدي المكنى بأبي الشعثاء تلميذ حبر الأمّة عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما.
قال الإمام ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل (2/ 494) في ترجمة بحر العلوم أبي الشعثاء جابر بن زيد رحمه الله:
((جابر بن زيد أبو الشعثاء الأزدي اليحمدي روى عن بن عباس والحكم بن عمرو وابن عمر روى عنه عمرو بن دينار وقتادة وعمرو بن هرم سمعت أبى يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء نا سفيان عن عمرو يعنى بن دينار عن عطاء أنّ بن عباس قال:
((لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علما عن كتاب الله عز وجل)) وربما قال: ((عما في كتاب الله عز وجل)).
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبى نا بن نفيل الحراني نا عتاب عن خصيف قال قال عكرمة كان بن عباس يقول هو أحد العلماء يعنى جابر بن زيد.
حدثنا عبد الرحمن حدثني أبى نا أبو حفص الصيرفي قال حدثني عرعرة بن البرند ثنا تميم بن حدير عن الرباب قال سألت بن عباس عن شيء فقال: تسألونى وفيكم جابر بن زيد.)). اهـ
أمّا عن هذه النّسبة المكذوبة والفرية المصنوعة فيقول الإمام ابن أبي حاتم رحمهما الله تعالى في نفس الصفحة ونفس الجزء:
((حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان نا عبد الرحمن بن مهدى عن أبى هلال عن داود عن عزرة قال دخلت على جابر بن زيد فقلت ان هؤلاء القوم ينتحلونك يعنى الاباضية قال- أي جابرا رحمه الله- أبرأ الى الله عز وجل من ذلك)). اهـ (رقم 2032) وراجع: تاريخ يحيى بن معين (2/ 73).
وذكر أبو نُعيم في حليته بإسناده عن هند بنت المهلب وذكروا عندها جابر بن زيد فقالوا إنه كان أباضيا.
¥