تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عُبَيد بن شَرِيَّة الجُرهمي ومنهجه الإخباريّ

ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[30 - 10 - 08, 12:23 ص]ـ

الدكتور زريف مرزوق

كلية الآداب ـ جامعة مؤته

الكرك (الأردن)

حياته:

مع أن عُبيد بن شريَّة يعتبر من أوائل الإخباريين العرب، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الكبير من قبل المؤرخين الذين تعاملوا مع مجريات الأحداث التاريخية قبل الإسلام إلا بالنزر اليسير، بل تكاد المعلومات التي وردت عن عبيد ترد في مصدر واحد كما سنرى، أو رواية واحدة، ثم جاء المتأخرون ونقلوا هذه الرواية مع بعض التغيير في بعض الألفاظ لكن الدلالة واحدة.

إن عدم الاهتمام بعبيد بن شرية بصورة تليق بإخباري متقدم أدى إلى عدم معرفتنا لحياة هذا الإخباري. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أضفي عليه بعض الأساطير، ولا سيما فيما يتعلق بسني حياته.

إن المعلومات المتوافرة لدينا لا تشير إلى نسبه الكامل، بل إن كتب الأنساب ـ وعلى رأسها ابن الكلبي ـ التي نقلت المصادر معلوماتها عن عبيد لم تشر إلى نسبه من قريب أو بعيد. وكذلك البلاذري في كتابه "أنساب العرب"، وابن حزم في كتابه "جمهرة أنساب العرب".

ونجد في موضوع آخر أن عبيد نفسه يقر بأنه لم يبق جرهمي غيره، وأنه قد أتى عليه خمسون ومئة سنة ([1] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn1)).

إن هذا الاعتراف من عبيد ربما جعل النسابة والإخباريين في حيرة من أمرهم. ويعود ذلك إلى أن جرهماً قد خرجت منذ زمن بعيد من اليمن، وانتقلت إلى الحجاز. فدخلت في صراع طويل مع أهل الحجاز للسيطرة على مكة. فهل لم يبق من جرهم إلا عبيد بن شريَّة حسب قوله؟

إن واقع الأمر مخالف لذلك، إذ يذكر ابن النديم أن عبيداً روى عن بعض الجراهمة ومنهم الكسير الجرهمي وعَبْدُ وُدٍّ الجرهمي ([2] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn2)).

إننا لا نجد اختلافاً كبيراً في اسم عبيد واسم أبيه وقبيلته. وإن رأينا بعض الاختلاف، فإن ذلك ـ في اعتقادي ـ قد جاء من التصحيف وليس من عدم المعرفة أو الاختلاف في نسبه. فقد جاء اسمه في معظم المصادر التي أشارت إليه بأنه عبيد بن شرية الجرهمي ([3] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn3)). لكنهم أشاروا أيضاً إلى أنه عبيد بن سريه ([4] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn4))، وفي موضع آخر ذكر عبيد بن سارية ([5] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn5)).

ولدى التدقيق في هذا الاختلاف، فإننا نجد التشابه الكبير في الألفاظ، وأن الأمر لا يتعلق بغير الكتابة بالشين المعجمة أو بالسين. وهذا ـ كما ذكرت ـ ناتج عن تصحيف النساخ أو عن عدم المعرفة الحقيقية لاسم والده.

ومثل هذا التصحيف جاء أيضاً باسم عبيد حيث أورده ابن حجر باسم عمير، وعمير قريبة إلى عبيد. ولما كان عبيد هو الأكثر شيوعاً في المصادر، فإننا نستثني كلمة عمير، ونعتمد كلمة عبيد ([6] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn6)).

أما ابن الأثير، فقد صحف اسمه واسم والده وقال: هو عمير بن شبرمه ([7] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn7)). وهذا التصحيف أيضاً لا يخرج عن دلالته الأولى التي تشير إلى أنه عبيد بن شرية. وإن وجدنا بعض التصحيف في اسم عبيد، فإننا نرى أيضاً بعض الاختلاف في المكان الذي كان يقيم فيه. فقد أشارت بعض المصادر إلى أنه من صنعاء ([8] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn8))، وفيها كان يقيم.

وبعضها الآخر أشار إلى أنه من أهل الرقة في العراق ([9] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn9))؛ كما قيل بأنه من أهل الحيرة، وفيها التقى بمعاوية بن أبي سفيان لما توجه إلى العراق بعد الصلح مع الحسن بن علي بن أبي طالب ([10] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn10)).

باعتقادي أنه ليس هناك اختلاف في المكان الذي ينتمي إليه: فجميع المصادر التي تعرضت له تجمع على أنه يماني، بل إن المعلومات التي جاءت في كتابه الذي وصل إلينا تؤكد ذلك. ويزداد هذا التأكيد إذا قلنا إن الإخباريين الأوائل أمثال وهب بن منبه، وكعب الأحبار، وعبيد بن شرية هم من أصول يمانية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير