تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عدم صحة قصة جرجة الرومي وخالد بن الوليد]

ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[01 - 11 - 08, 06:01 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:

أما بعد:

فهذا بيان لعدم صحة قصة جَرَجَة الرومي وخالد بن الوليد.

قال الإمام الطبري في "التاريخ" (3/ 397 - 400):

[كَتَبَ إليَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْب، عَنْ سَيْف، عن أبى عثمان يزيد بن أسيد الغساني، عن عبادة وخالد، قالا:

شَهد اليَرْمُوكَ ألفٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهم نحو من مائة من أهل بدر.

قالا: وكان أبو سفيان يسيرُ فيقف على الكراديس فيقول: الله الله! إنكم ذادةُ العرب، وأنصارُ الاسلامِ، وإنَّهم ذادة الروم وأنصار الشرك، اللهم إنَّ هذا يومٌ من أيامك، اللهم أنْزِل نصرَكَ على عبادِك.

قالا: وقال رجلٌ لخالد ما أكثر الروم وأقل المسلمين!

فقال خالد: ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان؛ لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الاشقر براء من توجيه، وأنَّهم أضعفوا في العدد - وكان فرسه قد حفى في مسيره -.

قالا: فأمر خالد عكرمة والقعقاع وكانا على مجنبتى القلب، فأنشبا القتال، وارتجز القعقاع وقال:

يا ليتنى ألقاك في الطراد * قبل اعترام الجحفل الوراد

وأنت في حلبتك الوراد

وقال عكرمة:

قد علمت بَهكنة الجوارى * أنى على مكرمة أحامي

فنشب القتال، والتحم الناس، وتطارد الفرسان، فإنهم على ذلك إذ قدم البريد من المدينة، فأخذته الخيول، وسألوه الخبر، فلم يخبرهم إلا بسلامة، وأخبرهم عن إمداد، وإنما جاء بموت أبى بكر رحمه الله وتأمير أبى عبيدة، فأبلغوه خالداً فأخبره خبر أبى بكر، أَسَرَّه إليه، وأخبره بالذى أخبر به الجند.

قال: أحسنت فقف، وأخذ الكتاب وجعله في كنانته، وخاف إن هو أظهر ذلك أن ينتشر له أمر الجند، فوقف محمية بن زنيم مع خالد، وهو الرسول، وخرج جرجة حتى كان بين الصفين، ونادى: ليخرجْ إليَّ خالد.

فخرج إليه خالد، وأقام أبا عبيدة مكانه.

فوافقه بين الصفين، حتى اختلفت أعناق دابتيهما، وقد أمن أحدهما صاحبه.

فقال جَرَجَة: يا خالد أصدقني ولا تكذبني فإنَّ الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاكه فلا تسله على قوم إلا هزمتهم؟

قال: لا.

قال: فبم سميت سيف الله؟

قال: إنَّ الله عز وجل بعث فينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعاً، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا باعده وكذبه، فكنتُ فيمن كذبه وباعده وقاتله، ثم إنَّ الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به، فتابعناه، فقال: ((أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين))، ودعا لى بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين.

قال: صدقتني.

ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد أخبرني إلام تدعوني؟

قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والاقرار بما جاء به من عند الله.

قال: فمن لم يجبكم؟

قال: فالجزية، ونمنعهم.

قال: فإن لم يعطها؟

قال: نؤذنه بحرب، ثم نقاتله.

قال: فما منزلة الذى يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الامر اليوم؟

قال: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا.

ثم أعاد عليه جرجة: هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الاجر والذخر؟

قال: نعم وأفضل.

قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟

قال: إنا دخلنا في هذا الامر، وبايعنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو حى بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء، ويخبرنا بالكتب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الامر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا.

قال جرجة: بالله لقد صدقتني، ولم تخادعني، ولم تألفني؟

قال: بالله لقد صدقتك وما بى إليك وإلى أحد منكم وحشة وإن الله لولى ما سألت عنه.

فقال: صدقتني، وقلب الترس، ومال مع خالد.

وقال: علمني الاسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير