[الامام المحدث الفقيه المتفنن ابو عبد الملك البوني]
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[04 - 11 - 08, 06:04 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة للإمام الفقيه المحدث التفنن شرف الدين، أبو عبد الملك مروان بن علي الأسدي القطان البوني، أحد العلماء الذين اشتهروا في الحديث الشريف رواية و دراية و بالفقه، كما عرف بصلاحه وورعه حتى لقبه أهل بونة [مدينة عنابة بأقصى الشرق الجزائري يوجد بها قبره] ب سيدي مروان تشريفا و تقديرا لعلمه وزهده.
اجتهد في طلب الحديث الشريف فسمع مالا يحصى كثرة من الكتب والأجزاء، وسافر للأخذ و السماع على كثير من الحفاظ و العلماء، ولم يكن الحديث الشريف و علومه هما دراسته فقط بل درس الفقه و النحو والتاريخ وعلم الرجال.
كما اشتهر بمؤلفاته خاصة شرحه لموطأ الإمام مالك، و لصحيح البخاري رحمهما الله.
اسمه و كنيته و نسبه:
مروان بن علي بن محمد، يكنى بأبي عبد الملك و شرف الدين الأسدي القطان البوني، و الأسدي نسبة إلى بني أسد بن عبد العزى
و القطان لقب له و لأبيه لاشتغالهما بتجارة القطن، أما البوني فنسبة إلى مدينة بونة (و هو الاسم القديم لمدينة عنابة الجزائرية) التي هي الموطن الأصلي لأسرته، و قد حمل لقب البوني الكثير من العلماء و الادباء و الفضلاء.
مولده و نشأته و طلبه العلم:
ولد أبو عبد الملك البوني في مدينة قرطبة ولم أعثر على تاريخ ميلاده الذي لم تحدده المصادر على كثرتها حوله، نشأ في كنف والده الذي كان يحسن كثيرا من العلوم الدينية و الشرعية، فحفظ على يديه القرآن الكريم، وعلمه الخط، و بعض مبادئ اللغة العربية و العلوم الإسلامية و الأحكام الدينية لكي يتهيأ لحياة علمية مكثفة، و لما بلغ طور الطلب بتجاوز المرحلة الأولى، أخذ في مجالسة الشيوخ و الاتصال بهم و ملاقاتهم في مدينة قرطبة التي كانت تعج بالعلماء و الشيوخ، كما اشتهرت بكثرة المكتبات و دور العلم، ومن شيوخها الذين أخذ عنهم: أبو محمد الأصيلي، والقاضي أبي المطرف عبد الرحمن بن محمد ابن فطيس، و حسين بن محمد بن سلمون المسيلي، وأبي عمر بن المكوي، وابن السندي، وابن العطار وغيرهم.
ثم سافر إلى بلاد المغرب، فأخذ عن علماء مدينة تلمسان ولقي، ومنها انتقل الى القيروان حيث اتصل بعالم المغرب المحدث المقرئ علي ابن محمد بن خلف المعافري القابسي، كما لازم المحدث الفقيه ابو جعفر الداودي شارح صحيح البخاري مدة خمس سنين أخذ عنه معظم تآليفه، وبعد هذه الرحلة العلمية يتجه مترجمنا صوب مدينة بونه ليستقر بها.
و هناك ببونة عقد مجالس التدريس و الرواية بمسجدها الجامع، فقصده طلاب العلم من جميع النواحي ينهلون و يستفيدون من علمه، وقد اشتهر بحسن السيرة و السلوك، و الزهد و الورع و الصلاح فكان أهل بونة يسمونه "سيدي مروان " فهو عندهم في عداد أولياء الله الصالحين، وهو الاسم الذي لا زال يطلقه أهلها إلى يومنا.
شيوخه:
(01) - أحمد بن نصر الداودي الأسدي (ت سنة 402 هـ): أبو جعفر، من أئمة المالكية بالمغرب. كان بطرابلس وبها أصل كتابه في شرح الموطأ ثم انتقل إلى تلمسان. وكان فقيهاً فاضلاً متقناً مؤلفاً مجيداً له حظ من اللسان والحديث والنظر. ألف كتابه النامي في شرح الموطأ والواعي في الفقه والنصحية في شرح البخاري والإيضاح في الرد على القدرية وغير ذلك.
حمل عنه أبو عبد الملك البوني و لازمه خمس سنين، و أخذ عنه جميع تواليفه
[" ترتيب المدارك و تقريب المسالك للقاضي عياض 1/ 497 ".]
(02) - أبو محمد الأصيلي (تسنة 392 هـ): الحافظ الثبت العلامة أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأندلسي تفقه بقرطبة وبمصر وببغداد، وأتقن أخذ الصحيح عن أبي زيد المروزي وتفقه على أبي بكر الأبهري ووعى علما جما.
كان رأسا في الحديث والسنن وفقه السلف له كتاب كبير سماه الدلائل في اختلاف العلماء حمل الناس عنه.
[تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي:2/ 370]
(03) - القاضي عبد الرحمن بن محمد ابن فطيس (ت سنة 402 هـ): عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ، أبو المطرف، عالم بالتفسير والحديث وتاريخ الرجال.
له تصانيف جيدة منه: (القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن) و (المصابيح) في تراجم الصحابة و (فضائل التابعين) و (الناسخ والمنسوخ).
¥