تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشيخ المعماري الفنان ابن قلفاط وهو يعمل وينظم ليل نهار جادا محتسبا؟

... أربعمائة ألف فرنك أنفقت على تشييدها، عشرات الأيدي الجزائرية - بثمن وبدون ثمن - عملت فيها ... "

وخلال سنة واحدة إكتمل بنائها على نسق هندسي أندلسي أصيل، لتكون بإذن الله مركز إشعاع ديني وعلمي وثقافي في أرض الجزائر الطاهرة.

افتتاح دار الحديث:

فكر الإبراهيمي في إقامة احتفال كبير بمناسبة إفتتاحها، فقام بدعوة علماء ووفود من المغرب وتونس، أما من الجزائر فقد حضر الإحتفال الألوف من أبنائها البررة يتقدمهم كل أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الإداريين والعاملين والمؤيدين، وكذا العاملين بمعظم المؤسسات التعليمية التربوية والجمعيات الدينية والثقافية الجزائرية.

" ... لقد كان افتتاحها في يوم الاثنين 21 رجب 1356 هـ الموافق ليوم 27 سبتمبر 1937م، أي بعد سنة من الشروع في بنائها، وعندما تدخل من باب (دار الحديث) تواجهك لوحة رخامية مثبتة على الحائط تقرأ عليها ما يلي:

" تأسست مدرسة دار الحديث على يد العلامة الفاضل الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بمساعدة شعب تلمسان، وقد افتتحها صاحب الفضيلة الإمام عبد الحميد ابن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم الاثنين 21 رجب 1356 هـ الموافق ليوم 27 سبتمبر 1937م"

وقد أسند شرف فتح المدرسة إلى الإمام عبد الحميد ابن باديس، الذي قام بقطع الشريط الحريري، و " ... تقدم إلى الباب يحف به إخوانه العلماء، وأفاضل الأمة

التلمسانية وعدد كبير من المعلمين والأساتذة والشعراء، وبجانب الباب وقف الأستاذ الإبراهيمي فسلم مفتاح المدرسة للشيخ الرئيس ابن باديس قائلا: " أخي الأستاذ الرئيس، لو علمت في العالم الإسلامي رجلا في مثل حالتك له يد على العلم مثل يديكم، وفضل على الناشئة نثب فضلكم، لأثرته دونكم بفتح هذه المدرسة، ولكني لم أجد.

فباسم تلمسان، وباسم الجمعية الدينية بالخصوص أناولكم المفتاح، فهل لهذه المدرسة أن تتشرف بذلك؟ "

تسلم الأستاذ ابن باديس المفتاح من يده قائلا: " بسم الله الرحمن الرحيم، ثم على اسم الإسلام والعروبة، والعلم والفضيلة أفتح دار مدرسة دار الحديث، {رَبِّ أَنزلْنِي مُنزلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزلِينَ} [المؤمنون:29] {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا () وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}) [الإسراء: 80 – 81] "

ثم يتقدم إلى الباب فيفتحه ويدخل، وتدخل معه الهيئة الإدارية لجمعية العلماء ثم تلتها الوفود والأساتذة والمعلمون، فانتشروا في رحابها وأقسامها والابتهاج والسرور يعلو محياهم وعندما وقف الأستاذ عبد الحميد بن باديس مع المجلس الإداري لجمعية العلماء على شرفة المدرسة وجه خطابه للجماهير المحتشدة المتعطشة لسماعه قائلا: " يا أبناء تلمسان، أبناء الجزائر إن العروبة من عهد الفتح إلى اليوم تحييكم، وأن الإسلام من يوم محمد صلى الله عليه وسلم إلى اليوم يحييكم، وأن أجيال الجزائر من هذا اليوم إلى يوم القيامة تشكركم وتذكر صنيعكم الجميل، يا أبناء تلمسان كانت عندكم أمانة بين تاريخنا المجيد فأدّيتموها فنعم الأمناء أنتم، فجزاكم الله جزاء الأمناء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " [2]

وتشتمل البناية على مسجد في الطابق الارضي لإقامة الصلوات ودروس الوعظ والارشاد، وعلى قاعة المحاضرات بمنصتها مع ادارة المدرسة التي تحمل قلب لبناية في الطابق الثاني، وعلى ستة أقسام ومخزن في الطابق الثالث.

لا يمكنني أن أتعرض إلى ما قاله لخطباء في هذا الحدث العظيم من تاريخ الامة التلمسانية وحسبي ان اشير الى قصيدة الاستاذ محمد العد التي القاها في هذا الحفل ومطلعها:

أحيي بالرضا حرما يزار ... ودارا تستظل بها الديار

وروض مستجد الغرس نضرا ... أربضا زهر الأدب النضار

حل الضيوف الوافدون من الشرق الجزائري والوسط والغرب في ديار الأكرمين من الأمة التلمسانية طيلة أيام إقامتهم، وقد دامت ثلاثة أيام كلها أعراس وأفراح بلياليها، وأعياد لم تألفها الأمة التلمسانية إلا في العهود التاريخي الزاهرة، تتجلى دار الدار كعروس تختال في أبهتها وبهجتها وعظمتها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير