ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[28 - 12 - 09, 09:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل عبد الحق آل أحمد
لقد انتظرت باقي بحثك، ولما رأيتك تأخرت، أعذرني على تطفلي هذا لأضيف هذه النقول
هذا الخطاب الذي انقله عن مجلة الشهاب لجمعية العلماء المسلمين التي نشرته لأحد رجالات الإصلاح بمدينة تلمسان نموذج للمسلم الجزائري الوطني رغم ثقافته الفرنسية، وإشتغاله لدى المحاكم التي كانت تحت سيطرة المستدمر الفرنسي
خطاب السيد طالب عبد السلام رئيس الجمعية الدينية التلمسانية، والنائب المالي عن تلمسان في حفلة افتتاح دار الحديث
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
سادتي:
بصفتي رئيسا للجمعية الدينية الإسلامية واحد أبناء بلاد الجدار العاصمة التاريخية أحييكم، كما أحييكم أيها العلماء الحاضرون تحية تليق بمقامكم السامي وبمكانتكم العلمية وأرحب بكم، وبقدومكم وأرجو لكم إقامة سعيدة بين أظهرنا.
سادتي
لقد من اله علينا ولله الحمد ومزيد الشكر بتأسيس هذه المدرسة وإبرازها من حيز الخيال إلى عالم الظهور وهي كما ترونها لطيفة الشكل جميلة المنظر خيوطها موشاة بالزليج وهو فراش أرضها ولها طاقات مزوقة بالنقوش والزخاريف، تواصل البيوت مع بعضها بعضا فإذا أراد الداخل الولوج فيها القي قبالته بابا من الخشب الثمين المغطى بالقطع النحاسية المنقوشة من أعجب ما يرى الناظر فان زاد في الولوج القي قاعة متسعة وهي معدة لإقامة الشعيرة الدينية وتأدية الصلاة المفروضة، وفوق هذه القاعة قاعة المسامرات وإلقاء المحاضرات وهي هذه وبأعلى هذا البناء بناء يحتوي على أربع بيوت متقابلات تزاول فيها دروس العلم وبهذه الطبقة صحن ووسط مع المافع [كذا] والمرافق المتوقفة عليها الطهارة دينا وعصرا وبالجملة فقد بنيت هذه المدرسة على الضخامة والجمال وعلى أحسن هندام من نوع البناء التلمساني القديم الذي اقبر أو كاد أن يقبر.
وقد جاء هذا المعهد العلمي وبني في حومة لها أهمية لا تقل عن اهميتة، وذلك لمجاورته من جهة للإمام البراذعي صاحب التهذيب، ومن جهة للإمام محمد بن احمد بن صعد الذي غنته شعراء الاندلس، قال شاعرهم محمد بن العربي الغرناطي:
وإذا جئت لتلمسان ... فقل لصنديدها ابن صعد
علمك فاق كل علم ... ومجدك فاق كل مجد
ومن اخرى لدار الولاية في عهد الدولة التركية، ومن جهة للمدرسة الثانوية للمعارف الفرنسوية ولهذا صار موقعها من أحسن المواضع، ومركزها من ابرك المراكز.
وقد انضم لهذا الحسن حسن لطيف وهو ما يقرأه القارئ على بابها من الكتابة بخط جميل " دار الحديث " فقد ذكرتنا هذه التسمية بالمدرسة الدمشقية المسماة بهذا الاسم والتي أسست على تقوى وكانت محط رجال العلم مثل المحدث الكبير الإمام النووي والإمام ابن السبكي وأضرابهما، فمدرسة هذا شأنها جديرة بان يسمى عليها رجاء في إحياء اسمها وإحياء علم الحديث الذي هو احد المنبعين للدين الإسلامي، قال إمام دار الهجرة مولانا مالك لو صرت من العلوم في غاية ومن الفهوم في نهاية ما خرجت عن أصلين كتاب الله وسنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] ولا سبيل إليهما إلا بمعرفة اللسان العربي.
اللسان العربي كما هو مشاهد في حضرنا وبادينا لا زال التقدم فيه بطيئا بالنسبة إلى السواد الأعظم لا نحسن التلفظ به ولا الكتابة ويجمل بنا أن نقف أمام هذه الحالة السوء موقف المتفرج بل يجب علينا استعمال الفكر فيما يخرجنا من هذه الورطة لان حياة امتنا بحياته ودوام موتها بدوام موته، ولا يكون إحياؤه إلا بإحياء المدارس على الوجه العصري.
إخوتي التلمسانيون ان هذه الوليمة العلمية يومها عندنا عظيم يبقى تاريخه منقوشا في أعماق قلوبنا لا يمحيه زمان ولا بعد أوان فيه تظاهرت الحياة العامة التلمسانية وفكرتنا بأعيادها الغابرة في عهدها الزاهر حكى التاريخ لنا وان السلطان ابا حمد موسى الثالث بنى مدرسة للعالم الإفريقي أبي عبد الله محمد بن احمد الشريف التلمساني وسماها بالمدرسة اليعقوبية وحضر دروسها الافتتاحية تعظيما منه لجانب العلم الذي يرفع بيوتا لا عمد لها وبه يعبد الله ويمجد.
ولقد شعرتم بمجدكم وتاريخكم أيها التلمسانيون وأعنتم على تشييد هذا البناء الضخم بكل ما في وسعكم وطاقتكم فجزاكم الله عن العلم والدين خيرا ولا ننسى المجهودات التي قام بها ذلك الأستاذ الأكبر الشيخ البشير الإبراهيمي لتحقيق هذه الأمنية ولا ننسى غيرته الدينية التي جعلتنا نديم شكره ونخلد طيب ذكره فاسأله تعالى أن يكافيه بنعيم الدنيا والآخرة ويبقيه ملجأ في كل مهمة.
وفي الختام أهنئ من صميم الفؤاد ابن قلفاط محمد الشهير ومحبوب عاشور بن محمد الرباطي، وعبد القادر السنوسي، والمهندس بوشامة، واثني عليهم وعلى ما أتاهم الله من إحكام في صنعهم ونبوغ في مهنتهم.
هذه كلمتي أملاها علي الابتهاج بهذا العيد العلمي، فلتحي الجزائر العلمية ولتحي تلمسان وليحي العلم ومحبوه.
طالب عبد السلام المحامي الشرعي
ورئيس الجمعية الدينية بتلمسان
¥