ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[28 - 12 - 09, 09:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما دمنا نتحدث عن دار الحديث، فها هي مراسلة مراسل (مُكاتب مجلة الشهاب كما كان يسمى) من مكدينة تلمسان تنشر له المجلة هذه المراسلة التي تتبع فيها اطوار الافتتاح
الاحتفال الرائع
بافتتاح مدرسة "دار الحديث" بتلمسان
**************
لم تشهد تلمسان في تاريخها الحديث يوما أبهج ولا أروع ولا أجمل ولا أمتع، من يوم 22 رجب من هذه السنة، ذلك اليوم الذي تقاطرت فيه وفود القطر من كل ناحية لشهود افتتاح مدرسة "دار الحديث" التي قامت على جهود أخينا الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي وعلى كرم أهالي تلمسان خصوصا وجود الأمة الجزائرية دوما.
حقا لقد كان ذلك رائعا، وقد كان ـ والله ـ جميلا جليلا، وحسبه إن تجلت فيه الروح الاسلامية الكامنة في نفوس أبناء هذا الشعب الطاهر الكريم في أبدع صورة وأروعها وحسبه أن كان مظهرا عظيما كشف به جانب جانب القومية العربية الاسلامية القوية الخالدة، وحسبه أن أرغم أنوفا، وطأطأ رؤوسا، وخفض جباها، طالما تشامخت احتقارا وترفعت كبرا، وتقطبت ظلما وعتوا. وحسبه أن فتح عيونا ونبع عقولا، وفتح قلوبا كانت عمياء لم تبصر السبيل، وذاهلة لم تدرك الدليل وبليدة لم تفقه الحكمة. وحسبه أن أقحم الجاحد، وأرغم المعاند، وهزم المستبد، وأذل الظالم.
أتدرون ما هي انشودة ذلك اليوم؟ لقد كانت أنشودته.
أنا الإسلام
جئت بسيف الحجة والبرهان، لا بآية السيف والسنان لنفتح القلوب للتقوى والإيمان، لا لنستعبد البشر وننزع الأوطان. ها أنا الإسلام القوي لا أخرج من ارض دخلتها ولا من قلوب عمرتها. ها أنا الإسلام القوي إلى الأبد، الثابت إلى قيام الساعة فاحزنوا يا خصوم، وافرحوا يا أنصار.
أنا العربية
جئت كريمة على هذا الوطن فاحتضنني، وأخذت عليه العهد أن لا يتركني فكان منه الوفاء، وكان مني الكفاء، وهاهم جنودي، أسود وأشبال، نساء ورجال، يتسابقون إلى تكريمي، ويبالغون في احترامي، ويحنون إلي كأم رؤوم، وأعتز بهم كأبناء بررة أقوياء. فما أسعدني بهم وأسعدهم بي.
أنا القومية
أنا القومية الجزائرية بما فيها من لغة ودين وتاريخ ومجد، وذكريات زعماء أبطال، وجهابذة في العلم مثالا للكمال، وحاليات بالصلاح من وراء الجبال، وهاهم حراسي الأمناء يكتنفونني، يسلمون الأرواح ولا يسلمونني.
الله أكبر ما أعظمني من يوم وما أجمل واقوي ما في من حياة.
لندع ذلك اليوم يردد أنشودته فإنها خالدة مثله. ولنحافظ على ذكراه في القلوب ولنردد معه الأنشودة من حين لحين.
في المحطة والطريق ...
في الساعة العاشرة ونصف من صباح يوم الاثنين 22 رجب 1356 وصل المجلس الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى محطة تلمسان فوجد في انتظاره داخل المحطة الأستاذ الإبراهيمي ومعه جم غفير من أبناء تلمسان وبعد تبادل التحية تقدم أطفال ثلاثة بباقات الزهر الذكي فسلموا إحداها للأستاذ رئيس الجمعية وأخرى للأستاذ أمين مالها، والثالثة للأستاذ كاتبها العام ثم تقدم الطفل النبيه محمد الإبراهيمي وألقى بين يدي الرئيس خطابا لطيفا رقيقا عبر فيه عن
شعوره وشعور أهالي تلمسان الطيب نحو جمعية العلماء ومجلسها الإداري، ثمّ خرج المجلس من المحطة يتقدمه الرئيس وكان في خارجها صفان كالجبلين من الخلايق إن حزرتهما بالآلاف كنت مقصرا، وإن عددتهما بعشرات الآلاف لم تكن مبالغا. فسار المجلس ووراءه الضيوف بين الصفين اللذين كانا على غاية من التنسيق وكانت أصوات الحامدين المسبحين المكبرين لله رب العالمين تصل إلى أعماق القلوب فتزيدها إيمانا واطمئنانا، وكانت عجائز النساء يخللن هذه المظاهرات بالولولة والزغاريد. فما أحمق هذا اليوم بما سماه به الأستاذ الإبراهيمي "العرس العلمي".
عند باب المدرسة
وواصل الضيوف سيرهم حتى وقفوا على باب المدرسة فوقف الأستاذ الإبراهيمي يخاطب الأستاذ رئيس الجمعية وهو يناوله المفتاح بهذه الكلمات البليغة:" أخي الأستاذ الرئيس لو علمت في القطر الجزائري بل في العالم الإسلامي رجلا في مثل حالتك له يد على العلم مثل يدكم، وفضل على الناشئة مثل فضلكم، لا ترثه دونكم بفتح هذه المدرسة ولكني لم أجد، فباسم تلمسان وباسم الجمعية الدينية بالخصوص أناولكم المفتاح فهل لهذه المدرسة أن تتشرف بذلك؟ "
¥