قام بخلافته ابن عمه ابن عبو, و اسمه النصراني دييغو لوبيز. لقد نجح ابن عبو في تجميع أكثر من 10 آلاف مورسكي استطاع الوصول بهم إلى مشارف غرناطة, التي لم ينضم ساكنتها المورسكيون إلى الثورة مخافة أعمال انتقامية و فقدان ما يملكون على قلّته (5)؛ لكن النصارى المتفوقين في العدد و العدة قاموا بهجوم مضاد. هكذا في نهاية سنة 1569 بدأت معالم الحرب تتغير.
ثلاثة جيوش ستجول المملكة النصرية القديمة, دون خوان النمساوي على رأس الجيش الرئيسي استولى على غاليرا قرب هويسكار , فاحتل سيرون؛ و في البشرات اندمج به جيش دوق دي سياسة el duque de Sessa على رأس الجيش الثاني القادم من غرناطة, بينما الجيش الثالث الذي يتزعمه أنطونيو دو لونا فقد خرج من أنتكيرة و وصل في بداية مارس 1570 إلى جبال بن طوميز بالشرقية.
أمام هذا المد القشتالي انقسم المورسكيون, فبينما بقيت طائفة مع ابن عبو في الجبهة تريد مواصلة القتال, أراد الآخرون التفاوض للاستسلام. هكذا قام دون خوان النمساوي بنشر بيان يعد فيه بالعفو عن الذين يستسلمون؛ و في شهر ماي بأندرش Fondon de Andrax تخلى عدة مورسكيين من جماعة الحبقي عن السلاح, لكن هذا الأخير قتله ابن عبو بتهمة الخيانة.
لقد دارت المعارك الأخيرة قرب رُندة, ففي يوليوز دخل المورسكيون ل Alozaina و لجئوا بعدها للجبال الحمراء Sierra Bermeja فطردهم منها دوق أركش في شتنبر.
لكن موت ابن عبو, الذي قاوم حتى سنة 1571م, كان شهادة على هزيمة المورسكيين. (6)
ابتداءا من هذه اللحظة يمكن وضع نقطة نهاية للحرب, لأنه لم يبق سوى بضعة مناوشات معزولة؛ و بدأ تهجير آلاف الأشخاص من مملكة غرناطة باتجاه مملكة قشتالة؛ حوالي 50 ألف شخص, سواء الذين شاركوا في الثورة أو الذين بقوا مخلصين بمدينة غرناطة. لقد مات 20 بالمئة من هذا العدد حيث قضى العديد منهم باكستريمادورا نتيجة حمى التنيفويد و سوء التغذية.
هذا التهجير الكثيف إلى داخل شبه الجزيرة, كان التمهيد لطرد آلاف المورسكيين, هذا الطرد الذي تقرّر سنة 1609م.
انتهى التعريب و لله الحمد.
الهوامش:
(1) لعل الكاتب يقصد اشتراك الأمويين مع النبي صلى الله عليه و سلم في النسب في جدهم عبد مناف, فالنسب الشريف للنبي صلى الله عليه و سلّم هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف, بينما الأمويون ينتسبون إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
(2) هذه من مناقب الأمويين النجباء, فرغم مرور 1000 سنة على زوال دولتهم بالأندلس, عاد الأندلسيون اليوم لإحياء ذكراهم و التسمي بأسمائهم (مثلا ابن أمية, الحكم , عبد الرحمان ... ). هذا التعاطف الكبير للأندلسيين مع بني أمية دفع بعض الجهات المجوسية الشيعية لدعم بعض مواقع الدراسات حول الأندلس و نشر مقالات بالإسبانية حول الفكر الشيعي الخبيث, ربما لكسب قلوب الأندلسيين و تشويه صورة الأمويين النقية البهيّة.
و للإشارة, فمصدر هذا المقال هو منتدى للمسلمين الأندلسيين بإسبانيا و اسمه منتدى ابن أمية FORO ABEN HUMEYA.
(3) هذه من افتراءات الأسبان في حق بني أمية. و إلا ففي تاريخ إسبانيا من مظاهر الدكتاتورية و التسلّط أنواع و أشكال.
(4) و هذا تناقض صارخ. فقد جعلوا سبب مقتل ابن أمية هو استبداده, و كأنهم يلوّحون إلى مقتل ابن أمية رحمه الله على يد المورسكيين الذين أعياهم استبداده-زعموا-. ثم يقولون أن ابن أمية قُتل على يد عملاء لقشتالة.
و يعتقد بعض المؤرخين الأسبان أن ابن أمية (مات مرفوع الرأس, و هو يُعلن أنه مسيحي, و أن هدفه الوحيد كان الانتقام لظلم حلّ بأسرته). انظر ص 196 من كتاب "مسلمو مملكة غرناطة" لخوليو باروخا, ترجمة د. جمال عبد الرحمان. و هذا افتراء آخر, فعائلة ابن أمية (بالور) من العائلات المورسكية التي على شأنها في عهد الملوك الأسبان, فعن أي ظلم يتحدثون؟ و أي ظلم هذا الذي سيدفعه لإشعال ثورة كادت تعيد الحكم الإسلامي للأندلس؟ إلا إذا كانوا يقصدون ظلم إخراج النصارى لعائلته من الإسلام إلى النصرانية. و هذا لا خلاف عليه.
و قد اعتبر د. جمال عبد الرحمان هذه الفرية مجرد كتابات دعائية و كتب معلّقا (لا يمكن الاعتداد بما يقوله مؤرخو القرن السادس عشر الإسبان في هذا الشأن, فهي لا تخرج عن كونها كتابات دعائية ... )
(5) لكنهم وقعوا في الذي فروا منه, فقد تمّ طردهم مباشرة بعد انتهاء الحرب رغم حيادهم.
(6) يروي الأستاذ علي الكتاني رحمه الله كيف نكّل الأسبان بجثمان ابن عبو رحمه الله بعد مقتله: (فسلم الخونة جثمانه للإسبان الذين حملوه إلى غرناطة, و أدخلوه المدينة في حفل ضخم, ووضعوه في قفص حديدي بعد أن ألبسوه لباسا كاملا و كأن صاحبه حي, ثم حملوه على فرس, و قطعوا به المدينة تتبعه أفواج من أسرى الأندلسيين. ثم حمل الجثمان إلى النطع. و أجرى فيه حكم الإعدام, فقطعوا الرأس و سحلوا الجسم في الشوارع فمزق أطرافا ثم أحرق في أكبر ساحات غرناطة بهمجية لا تضاهى. ووضعوا الرأس في قفص من حديد فوق باب المدينة باتجاه البشرات حيث بقي معلقا لمدة ثلاثين سنة.) من كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس. ص 119.
عرّبه و علّق عليه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي.
¥