4) الرحلة الحجازية و الرياض الانسية في الحوادث و المسائل العلمية
وفاته:
في سنة ثلاثين بعد الثاثماية في شهر شعبان المكرم، رجع من طيبة الى نابلس لزيارته الأهل
و الأصحاب و الأحباب، و أقام في نابلس في تلك السنة خمسة أشهر، و لما دخل محرم الحرام
افتتحاح واحد و ثلاثين، شرع رحمه الله يتهيأ للرجوع الى المدينة النبوية، جريا على عادته
المتقدمه، و لكن سوابق الأقدار منعته، و حلول أيام الشتاء و البرد عاقته، و كان رحمه الله
يشتكي وجعا فب رجليه، و يمتد الالم الى فخذه، و لم يحصل له مرض سواه، فلما كان اليوم
العاشر من شهر محرم المذكور، و كان موافقا يوم الجمعه توضأ في بيته، و لبس أحسن ثيابه
و تمشط و تطيب، ثم خرج يتحامل بين رجلين، متوجها الى الجامع الكبير لأجل حضور صلاة الجمعه
، فدخل المسجد المذكور، و صلى ركعتين تحية المسجد، و جلس يستمع الخطبه، ثم اقيمت
الصلاة،، فأحرم مع الامام و أتم صلاة الفريضة، و بينما هو جالس يقرأ التشهد، فبعد أن أتى
بالشهادتين، و قبيل سلام الامام خر على هيئة الراكع، و انقطع نفسه، فلما سلم الامام رفع
رأسه و اذا بروحه فارقت الدنيا فحمل الى داره، و غسل و كفن، و قد صلي عليه في المسجد
الصلاحي الكبير، و قد صلى عليه ابن عمه العلامة موسى بن عيسى بن صوفان القدومي،
و جملت جنازته على الاعناق، و مشى مع جنازته عموم أهل نابلس، و كان جمعا حافلا، و
موكبا هائلا، تعلوه الهيبة و الجلال، مع الخشوع و الكمال، و دفن رحمه الله في التربة الشمالبة
، بنابلس المحمية، بجوار الامام العلامة محمد بن أحمد السفاريني النابلسي الحنبلي، و ازدحم
الناس عند دفنه، و كان ممن باشر دفنه و وضعه في حفرته الفاضل الاديب اللبيب الشيخ محمد
نمر أفندي النابلسي، و هو من أخص تلامذته، و أيضا باشر دفنه سليل الامراء و فخر الادباء قاسم
آغا النمر فووري رحمه الله و دموع الناس تتحدر من المآقي، و قد كمل له من العمر أربع و ثمانون
سنة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
رثائه:
عندما كان الجنازة في المسجد الصلاحي الكبير، و هو غاص بالناس قام الشيخ الأديب محمد بن
السيد حسين تفاحة الحسيني ورثاه بصوته بمرثية مفتي نابلس الشيخ منيب هاشم الجعفري،
و المرثية هي:
الله أكبر فالمصاب تناهى .............. و الدين ثلمته استطار عناها
شمل البلاء العالمين فلا ترى ................ نفسا و لم تك زعزعت أحشاها
فاليوم مات الحجة العلم الذي ................ لدلائل التحقيق شاد بناها
علامة العصر المدقق و الذي ................. قد حاز من درر الخصال ذراها
هو عابد لله أخلص قصده ................ من آل صوفان يجل تقاها
هو مجمع الفضل المميز و الذي ........... بسنائه فاق الدروس سناها
يا طالما انتفع الانام بفضله ............... و روت من الارشاد عنه مناها
من للبخاري الشريف مقدرا ................ لدقائق جلت و طاب ثناها
من للدليل و منتهى و لغاية .............. في حل معضلة اخر خفاها
فلتبكه بقع الدروس فيالها ............... من روضة ارجت بها ارجاها
و لتبك نابلس على طود مضى ............. قد كان مصدر نفعها و رجاها
أسفا على آيات فضل قد مضت ............ كان البرية تهتدي بضياها
أسفا على ذاك الجميل و نضرة .............. اهل الحديث بتلك ما أحراها
و جوى على ذاك اللقاء فكم به .............. كنا كمالات الزمان نراها
و جوى على ذاك الجلال و هيبة .............. كان الزمان لعزها يخشاها
فالله يعظم أجرنا و يعمر ................. بالفضل في دار يدوم هناها
و يضاعف الأجر الجزيل لآله ............. و المسلمين ففقده أعياها
ثم الصلاة على النبي و آله .............. من للهداية شيدوا علياها
ما قال اذ يرثي منيب هاشم .............. الله أكبر فالمصاب تناهى
و بعد ذالك قام و رثاه الشيخ احمد بن محمد البسطامي، و الرثاء هو:
ما للدموع بدت حمرا بأجفاني .............. و ما لقلبي غدا يصلى بنيران
و ما لنابلس ثوب الأسى لبست ............. و أهلها هل فيهم فرط أحزان
أشمس أفق التقى و الفضل قد كسفت ............ أم بدر علم عراه وصف نقصان
نعم هوى اليوم من افق العلوم الى ............. بطن الثرى بدر افضال و عرفان
فالبس الدين أثواب الحداد وقد ............. بكته أعين اشراف و أعيان
علامة العصر شيخ العلم و العلما ............... و قدوة الناس من قاص و من دان
أعظم به من تقي زاهد ورع .................. استاذنا الشيخ عبدالله صوفان
فليبك علم حديث المصطفى أسفا ............. عليه و ليبك تفسير قآن
و لتبك أيضا دروس العلم اذ فقدت .............. من كان روضة فضل ذات أفنان
و ليبك علم توحيد الاله كذا ................. فقد ابن حنبل سامي القدر و الشان
و ليبكين البخاري الشريف على ........... من كان يتلوه في ضبط و اتقان
فكم تلاه لدى الاعتاب مبتهجا ............. بروضة المصطفى بل فخر عدنان
.................................................. .....
و يختم قصيدته رحمه الله
اعظم لنا الاجر يا رب العباد على .............. مصيبة قد أصابت كل انسان
و كن معينا و عونا يا رحيم الى .............. آل الفقيد و أتحفه بغفران
و امنح صلاة و تسليما لشافعنا .............. أجل كل البرايا فخر عدنان
كذالك الآل و الأصحاب سادتنا ................. غر ميامين أهل القدر و الشان
جمعه و اعتنى به راجي عفو ربه الكريم
محمود غسان محمود غنام المرداوي الحنبلي
¥