تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد تمركزت حركة «ماهوا لونغ» في منطقة «جينجيباو» في مقاطعة «نينغشيا» واستمرت هذه المنطقة في كانسو وتشانسي مقاطعة إسلامية دينية لمدة عقد من الزمن يحميها حصون بنيت بالمئات في محيطها، وقد سار إلى هذه المقاطعة جيش الإمبراطور وحاصرها وقتل فيها خلقاً كثيراً، وفي عام 1868م عادت الثورة فاشتعلت، فأرسل الإمبراطور الجيوش إلى المنطقة، واستطاع أن يستعيد مدناً كثيرة، وقبض على «ماهوا لونغ» وزعيم آخر معه اسمه «ماباتسياو» وصُلبا، وأخمدت الثورة. وقدر عدد الذين هلكوا بالملايين.

ثورات مستمرة:

وفي نفس الوقت الذي ظهرت فيه ثورة «ماهوا لونغ» في كانسو وتشانسي ظهرت ثورة في منطقة «أورومغي» بقيادة (تولونغا) الذي حمل لقب ملك الإسلام، وكان ذلك عام 1860م، وتبع تولونغا في ثورته عسكري من طشقند كان رئيس أركان وقائد جيش عائلة الخوجا اسمه يعقوب بك، وقد استطاع بسط سيطرته على منطقة حوض تاريم ومن ثم منطقة أورومغي التي كان يسيطر عليها تولونغا، وأقام في هذه المنطقة نظام حكم إسلامي متشدد؛ لكن دولة يعقوب بك أو سلطنة كاشغر كما سميت انتهت في عام 1877م؛ إذ وجه الإمبراطور عام 1874م جيوشاً بقيادة ليوكين تانغ وكين شوان لمواجهة الزعيم الديني (باي ين هو) الذي كان مع يعقوب بك في كاشغر، فانهزم إلى أرض الروس في تركستان الغربية، وقتل ملك كاشغر يعقوب بك، وتحددت سين كيانغ أو تركستان الشرقية منذ ذلك الوقت، واحتلتها الصين ودخلت في حدودها المعاصرة نهائياً، وما كان للجيش الصيني أن يقضي على تلك الثورات لولا المساعدة الغربية وخاصة من الإنكليز الذين زودوه بالأسلحة النارية الحديثة في ذلك الوقت.

الإخفاق دائماً:

وبالإضافة إلى هذه الثورات كانت هناك ثورتان: الأولى عام 1758م في ولاية كانسو بقيادة سوسيان، والثانية في سينكيانغ عام 1825 - 1827م بقيادة جنقغ.

ويظهر أن كل تلك الثورات كانت تستمد قوتها من الحجاج الصينيين ـ رغم عددهم القليل ـ العائدين بالأفكار الجديدة بالإضافة إلى تأثير المجددين في الدين في الهند.

وفي العصر الحديث بعد سقوط الإمبراطورية في الصين وقبل قيام الدولة الشيوعية عام 1949م قامت انتفاضة عام 1943م بقيادة أحد وجهاء المجتمع واسمه «مافوشان» وساعده «ماجي تسو» وقادا عشرة آلاف مسلم، وقبلها قامت انتفاضة عام 1928 في خوتشو في مقاطعة كانسو بقيادة «ماتشونغ ينغ» وكان عمره ثمانية عشر عاماً.

وكل هذه الثورات والانتفاضات انتهت إلى الإخفاق بسبب التفاوت في القوة العسكرية والبشرية، وكانت تنتهي دائماً بإبادة كبيرة للمسلمين وتشريدهم.

أسباب ومطامع:

وقبل أن ننتقل إلى ما حصل بعد قيام الشيوعية في الصين، لا بد لنا من الإشارة إلى دراسة الباحثة فتحية يحيى الكمالي لاستعراض أسباب تركز هذه المآسي في مناطق محددة من أماكن التواجد الإسلامي في الصين أكثر من سواها؛ إذ إن تركستان الشرقية تغطي ثمانين بالمائة من احتياجات الصين من النفط، ويقدر بعضهم أن مخزونها من النفط يضاهي المخزون النفطي للمملكة العربية السعودية، وقد اكتشفت فيه كميات احتياطية كبيرة من البترول، كما أن فيها أكثر من تسعين بالمائة من مناجم اليورانيوم في الصين، وكذلك الفحم الذي يبلغ رصيده ستمائة مليون طن، بينما اليورانيوم يقدر باثني عشر تريليون وهو من أجود أنواع اليورانيوم في العالم؛ حيث يستخرج من ستة مناجم فيها، بالإضافة إلى خام الحديد والذهب والكبريت والملح والنحاس والفضة والبلاتين والرصاص والقصدير والميكا والماس والزمرد والغاز. ويقول العلماء الجيولوجيون إن مناجم الفحم في تركستان الشرقية يمكن أن تكفي العالم ستين عاماً.

كما أن تركستان الشرقية تعتبر ممراً برياً يصل الصين بحقول النفط والغاز في قرغيزستان وآسيا الوسطى، كما أنها لعبت دوراً تاريخياً هاماً في التجارة العالمية؛ فقد كان طريق الحرير المشهور يمر بها، وكان هذا الطريق يربط الصين بالدولة البيزنطية.

وفي مقابل هذا الإنتاج الضخم كله، نجد أن المستوى الاقتصادي للمسلمين ضعيف جداً وخاصة في تركستان الشرقية؛ فهم يعانون من البطالة والأمية بسبب سياسة التمييز التعليمية التي اتبعت ضدهم، وهم لا يستطيعون النهوض في المجال الاقتصادي؛ فلا رساميل لديهم، وقد ركزت الدولة على إرسال الفنيين المؤهلين والمشرفين والقوى العاملة من الصينيين إلى تركستان الشرقية من أجل التنمية الاقتصادية، فصار اكتشاف البترول وبالاً كبيراً على الشعب التركستاني المسلم؛ حيث فتحت حقول النفط في كاراماي وقيزيلدانج وماتيانج واوجيك وكوكيار للاستثمار، وجرى إسكان أكثر من مليون صيني في المنطقة بعد أن أخرجت السلطات الصينية السكان المسلمين من أكثر من ستمائة منطقة سكنية بالقوة.

من خلال ذلك كله نفهم لماذا دعم الغرب السلطة الصينية المركزية في مواجهة الانتفاضات الإسلامية قبل قيام الشيوعية، ولماذا لا تزال هذه المناطق عرضة للأطماع الغربية التي يمكنها أن تستفيد من خمائر الخلافات السابقة لإثارة المسلمين أو لإثارة الأوضاع ضدهم؛ حيث إن الدوائر الغربية في كلا الحالتين تحقق لنفسها وجوداً في المنطقة من خلال التدخل فيها، ويدفع المسلمون الثمن دائماً في الحالتين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير