تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مع الملك احمد فؤاد الثاني بن الملك فاروق حفظه الله]

ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[25 - 03 - 09, 09:56 م]ـ

حوار مع الملك احمد فؤاد الثاني المخلوع في باريس

أجرى الحوار في باريس: خالد سعد زغلول

مهما اختلفت الأقاويل يظل الملك فاروق قطعة من تاريخ مصر، حكم المحروسة في زمن صعب كان فيه المندوب السامي البريطاني هو المتحكم في مجمل القرارات السياسية المصيرية للبلاد، وقد حاول فاروق جاهدا الحفاظ على كرامة المصريين، أصبح ملكا على مصر والسودان وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، يمارس مهامه باسمه ونيابة عنه مجلس للوصاية تشكل برئاسة خاله شريف باشا صبري، وانحل المجلس حينما بلغ سن الرشد، وجلس على عرش مصر في 6 مايو 1938 حيث ظل ملكا على البلاد حتى يوم 26 يوليو 1952 حين حدث انقلاب عسكري كبير، ولكن دون أن تراق دماء وقد أجبره الضباط الأحرار على الرحيل والتنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد الذي أصبح بذلك ملكا وهو في الشهر السادس من عمره لمدة 11 شهرا، ويمارس مهامه نيابة عنه وباسمه مجلس للوصاية برئاسة المقدم رشاد مهنا وودع ملك مصر والسودان بعض رجال عبد الناصر «من بينهم أنور السادات»، وهو على ظهر المحروسة «اليخت الملكي العتيد»، وأطلقوا تحية له 12 قذيفة لكن هذه المرة لم يتمكن الطفل الملك من الانتظار؛ حتى يتوج على عرش مصر ملكا رسميا حينما يبلغ أشده، فقد ألغت الثورة النظام الملكي واستبدلت به النظام الجمهوري؛ لتطوى صفحة الملكية التي استمرت في مصر نحو قرن ونصف، وتعيش مصر مرحلة انتقالية تمهد لحكم جديد بثوب جمهوري وبقيت الملكية والباشوات مجرد ذكريات في مخيلة المصريين يستعيدونها في الأفلام والمسلسلات، وكان مسلسل «الملك فاروق» الممتع فرصة للعودة بالملك فاروق إلى قلب الأحداث.

استقبلني الملك السابق أحمد فؤاد بابتسامته اللطيفة تحت شاربه الخفيف، ووجدته طويل القامة والهيبة رجلا شديد الأناقة والذوق؛ سرعان ما تلمس في معاملته أدب الملوك وتواضع الكبار، في نظرة عينيه ذكاء حاد وحزن يحاول أن يخفيه بتبسمه ومرحه، لكنه لا يستطيع. وهو متدين ويصلي بانتظام ويصوم ويقرأ القرآن وتجد عشق مصر يجري في دمه.

وجدتني في شقة تجمع بعض تحف مصر؛ قطع أثرية، بقايا صولجان القوة والملك، فانتابني شعور بأني في أحد أجنحة الملك فاروق في قصر عابدين؛ ولاحظت لوحات راقية لرموز مصر التاريخيين وهم أجداده، أبرزهم محمد علي، الملك فؤاد الأول (الذي سمي على اسمه)، الملك فاروق، وكلها عليها تواقيع رسامين عظام، أبرزهم الفنان الفرنسي الشهير كودلير الذي رسم بعض اللوحات بأمر من ملك فرنسا لويس فيليب ردا على هدية جده والي مصر، كما لاحظت أنه يحتفظ بصوره والأسرة مع ملوك العرب (الملك فهد والملك حسين والملك الحسن الثاني رحمهم الله).

جلست معه في منزله؛ لأتعرف على جوانب من تفكيره، وكنت معدا للبقاء معه ساعة فإذا بالحوار يطول أكثر من ذلك، لم نشعر بالوقت فقد غصنا في حياة الملك فاروق حتى اختفى فينا واختفينا فيه.

ما هي ذكرياتك مع والدك الملك فاروق، ماذا تعرف عنه؟

عندما مات أبي كنت في الرابعة عشرة من عمري، كان يعيش في إيطاليا، بينما أرسلني وشقيقاتي: فريال، فوزية، وفادية للإقامة والتعليم في سويسرا؛ لأنه كان يخشى علينا من الاغتيال، وكان يرى في سويسرا مكانا أمينا لنا ولتعليمنا، كان دائما يحدثني عن مصر وعظمة تاريخها وعراقة حضارتها، وكانت مصر دائما على لسانه في كل وقت ومناسبة، كان يهتم بأن أتعلم التاريخ وحضارة بلدنا، وكان يهتم بأن أحفظ القرآن الكريم، وكان بنفسه يعلمني المبادئ الرئيسة للإسلام، وهو أيضا الذي علمني الصلاة، وكان كل مساء يسألني إذا كنت ما أديت الصلاة في وقتها أم لا؛ لكونها أفضل الأعمال عند الله وهو ما جعلني حتى اليوم أعشق تأدية الصلاة في وقتها، ولله الحمد فقد نشأت على ذلك منذ الصغر، ونما في قلبي حب الصلاة، ولهذا أحس الحديث الشريف لرسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- « ... وجعلت قرة عيني في الصلاة».

هل كان أبوك متدينا؟ معذرة لهذا السؤال فالصورة التي أعرفها عن والدك غير ذلك، ومع هذا هي حياته الخاصة وما يعنينا أسلوبه ودوره في حكم مصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير