[من مواقف رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين]
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[12 - 04 - 09, 08:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنقل هذا الموقف الذي قرأته في مجلة الشهاب لشيخين وعالمين عضوين في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أزعم أنهما ضربا من خلاله مثلا في الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي عزت في مثل أيامنا، فرحمهما الله رحمة واسعة، وجعل كل ما قدماه في ميزان حسناتهما، فلّله درّ هذا الخلق الرفيع، ولله درّ من هذبتهم السنن والآثار.
- بعد أن نشر الشيخ الإمام أبو يعلى الزواوي (ت 1371 هـ - 1952 م) كتابه " الخطب " أهدى نسخة منه إلى الإمام عبد الحميد بن باديس، هذا الأخير قام بكتابة مقالة للتعريف بهذا الكتاب في مجلة الشهاب، عرف فيه بالكتاب ونوه به وبصاحبه، ودعى القراء والمشتركين إلى اقتنائه لما يحتويه من علم نافع، ولم يمنعه علم الرجل وفقهه من أن ينبهه إلى تساهله في نقل القليل من الأحاديث الضعيفة، ويطلب منه أن يقوم بتخريجها أو العزو إلى الكتب التي أخذ منها، وإليكم المقالة كما جاءت في مجلة الشهاب العدد 34 السنة الثانية، الخميس 21 ذو الحجة 1344هـ/ 1جويلية 1926م. الصفحة 11 بعنوان
" خطب إمام جامع سيدي رمضان بالجزائر":
'' الشيخ السعيد الزواوي علامة سلفي، داعية إلى الإصلاح بالكتاب والسنة وعمل السلف الصالح، كان من محاسن أعماله لما ولي الخطابة بجامع سيدي رمضان بالجزائر أن أخذ يخطب على الناس خطبا حية مناسبة للمكان والزمان والحال على طريقة السلف المتقدمين.
ثم جمع بعضا من تلك الخطب وقدم لها مقدمة نفيسة وطبع الجميع في مجموع واحد سنة 1342هـ، وقد أهدانا نسخة فألفيناها كما يشاء النصح وتقتضيه الإجادة فشكر الله صنعه وأحسن جزاءه.
وددنا لو ذكر مآخذ حديثه وزاد تحريا في تخريجها فإن فيها قليلا من الضعيف الذي كان يغني عنه الحسن والصحيح.
ومن أراد اقتناء هذه الخطب النفيسة فليخاطب صاحبها على عنوانه ... ''
والمعروف عن الإمام عبد الحميد بن باديس أنه كان من العلماء الذين يرون أن من ذكر إسناد الحديث فقد أعذر وبرئت ذمته؛ لأنه يقدّم الوسيلة التي تمكِّن من كان عنده علم بهذا الفنِّ من معرفةِ حال الحديث صحةً أو ضعفاً، بخلاف من حذف إسناده، ولم يذكر شيئاً عن حاله، فقد كتم العلم الذي عليه أن يبلِّغَه، كما أنه موقفه من رواية الحديث الضعيف وضحه في قولته:" لا نعتمد في إثبات العقائد والأحكام على ما ينسب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحديث الضعيف لأنه ليس لنا به علم" الآثار (1/ 143).
- بعد أن أطلع أبو يعلى الزواوي على ما كتب عنه وعن كتابه " الخطب" من النقد والتصحيح، فرح واستبشر به، وأعتبره من باب النصيحة له وللمسلمين، فأرسل إلى نفس المجلة بجواب يدل على حرصه على إتباع الحق، متى ظهر له، وتقديمه إياه على حظوظ النفس مهما كانت، وهذا الموقف الكريم يدل على حسن خلق المسلم وشرف نفسه، وتواضع العالم، وصدق كلامه الذي يدل على إخلاص القلب الذي خرجت منه، وأنه لا يبغي إلا الحق، لا يداهن فيه ولا يخجل منه، وبهذا حضروا وأعدوا – بفضل من الله وعونه- شعبا قاوم أعتى مستدمر فرنسي، وأخرجه يجر أذيال الخيبة والخذلان من أرض الإسلام الطاهرة المطهرة، فرحمة الله عليهم رحمة واسعة، وجزاهم الله عنا كل خير.
هذا بعض ما جاء في جواب الإمام أبو يعلى الزواوي في العدد 44 السنة الثانية، الخميس 26 محرم 1345هـ/ 5 أوت 1962 الصفحة 10 بعنوان " إيراد الخطباء الحديث":
أشكر أصحاب " الشهاب " الأغر على تنويههم بخطبي في العدد الأخير، ويجوز لي أن أنشد:
إذا أنا لم أشكر على الخير أهله ... ولم أذمم الوغد اللئيم المذمما
ففيم عرفت الخير والشر باسمه ... وشق لي المسامع والفما.
وهذا لجميع من نوهوا بها من جرائد هذا الوطن ومصر والشام، جعل الله ذلك لنا ولهم من خالص الخدمة للعلم والملة وأن قصدي في ذلك الكتاب مقدمته وقصدي من مقدمته قولي في خطبة الكتاب:
أردت تجديد طريقة السلف في إلقاء الخطب والرجوع إلى الأصل في ذلك، وإحياء ما هنالك الخ قولي لو لم يكن لي من الأهلية إلا إحياء تلك السنة وأي سنة لكفى.
¥