يقولون وقد عجزوا عن معارضتي ببرهان وحجة ((إن ما أقوله كله حق وصحيح، ولكني غير مصيب في إعلان ذلك للعموم)) وتحدثي به مع كل أحد وإنكاري لبدعهم بشدة وتغليظ على المعارضين ...
وأقول: إن الطريقة المتبعة في ديننا غير الطريقة المتبعة في الجمعيات السرية، ودين الإسلام يفتى به للخاص والعام، والناس كلهم منه على حد سواء، وأما ما أتوخاه في طريق الدعوة والإرشاد فإني أعمل فيه بقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: " وقول لهم في أنفسهم قولا بليغا"، وأما شدتي على المعارضين وإغلاظي عليهم فهو من باب قوله عز وجل: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم} فهل أنا المحق أم هم المحقون؟
يقولون إني جئتهم بما لم يأتهم به آباؤهم وعلماؤهم الأقدمون .. وأنا أقول لهم: راجعوا القرآن [الكريم] وكتب الدين، وأقرءوا العلم لعلكم تعقلون!
يقولون عني لو تصدى للتدريس وتعليم العلم بالطرق المألوفة عندهم وأعرض عن الكتابة في الجرائد لكان كالعلماء الذين تقدموا ولسميناه
عالما حقيقة.
وأقول لهم إني فعلت ذلك بادئ بدء فما أقبل علي منكم إلا أقل من القليل، وكتابتي لا تخرج عن حد نشر العلم والتدريس لأنها أيضا من هذا القبيل، وأما ما أردتموه من حملي على سلوك طرائقكم القديمة وتمسكي بعوائدكم وسيرة من مضى من مشايخكم، فلي في من هم أقدم منهم من رجال السلف الصالح أسوة حسنة، والرجوع إليهم خير من الرجوع إلى آبائكم الأقدمين ...
ومتى أرضتم عن الصفق في الأسواق والجلوس في الحانات والقهاوي للهو ولعب القمار وغيره، وحرمتم الدخول إلى (البراديل) [كلمة فرنسية يقصد بها بيت الدعارة حاشاكم] وأقبلتم على المساجد تعمرونها بالصلاة وطلب العلم بها، ولم تجدوا عالما غيري يذكركم بالله ويعلمكم أمر دينكم واحتجتم في ذلك إلي - فإني لكم بالإقراء والتدريس ونشر ما علمنيه ربي بينكم- ضامن وكفيل، وأعدكم وعدا صادقا بأنه سيكون ذلك مني لكم مجانا وبدون ثمن لأني غني عنكم ولا أسألكم على دين الله أجرا، ولا أريد منكم جزاء ولا شكورا، فهل أنتم بنصيحتي لكم منتصحون، ولما أقوله لكم فاعلون؟؟.
يقولون لي دع الكلام على أولياء الله والجوامع وزرهم وتبرك بهم معنا ونحن نتبعك في كل ما تقول، ويعنون بالأولياء كل قبر يقدسونه ويعبدونه من دون الله أو مع الله، ويعنون بالجوامع ما يبنونه من تلك الأنصاب ولو على غير جثة مدفونة أو قبر يزار، وكذلك ما يبخرونه ويطوفون به ويوقدون عليه السرج من الأحجار والأشجار ..
وأنا أقول لهم قال من قبلكم من مشركي العرب الكفار لمحمد صلى الله عليه وسلم: ((يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فقال معاذ الله أن أشرك به غيره، قالوا فاستلم بعض ألهتنا نصدقك ونعبد إلهك، فنزلت عليه سورة: {قل يا أيها الكافرون}.
فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقرأها عليهم فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه ... )).
ويقولون لي أيضا عندما تنزل بي حادثة تروعني أو أمر يفزعني لو التجأت إلى قبر سيدي فلان، وسيدي فلان، وسلمت الأمر لرجال البلاد لفزت بقضاء حاجتك ورجعت ظافرا بنيل مقاصدك وكشف الضر عن جانبك وأقول لهم:
الله ربي واحدا لا أرتجى ... إلا هو عونا عند كل ملمة
وإليه أضرع في الشدائد كلها ... لا للقبور ولا لصاحب عمة
العدد 11: الخميس 7 رجب الفرد 1344هـ/ 21 جانفي 1926م، ص 09.
و العدد 12: الخميس 14 رجب الفرد 1344هـ/28 جانفي 1926م، ص 08.
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[09 - 06 - 09, 05:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت جمعية العلماء المسلمين تخوض معاركها الإصلاحية ضد الإستدمار الفرنسي وأذنابه، وضد دعاة الطرقية والدجالين والمشعوذين في أرجاء القطر الجزائري، وهذا لم يمنعها من الاهتمام والمشاركة بما يجري في العالم الإسلامي، وخاضت لذلك معارك ضد تيارات التغريب والمسخ في بلدان المشرق والمغرب، تجلى ذلك في الردود المتنوعة و تنبيه الناس وقراء صحفها ومجلاتها إلى مخاطر عملاء الاستعمار ودعاة الغزو الثقافي المباشر، الذي تزعمه خريجي مدارس التبشير أمثال سلامة موسى وهدى شعراوي، وأصحاب مجلة (المقتطف) وجريدة (المقطم): (يعقوب صروف، وأمين شميل، وشبلي شميل، وشاهين مكاريوس)، وأضرابهم ممن وهبوا أنفسهم للمحتل وثقافته، ومارسوا التبشير
¥