تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طرد المسلمين من الأندلس. (مع ملحق خاص بنص قرار الطرد من بلنسية)]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[25 - 04 - 09, 06:18 م]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.

لم تكن المحاولات الحثيثة للسلطات القشتالية النصرانية لتنصير مسلمي الأندلس قسرا, طيلة القرن 16م, كافية لتشفي غليل رجال الكنيسة و تضع حدا لجرائمهم ضد المسلمين الذين سقطت آخر دولهم بشبه الجزيرة الأيبيرية سنة 1492, و أجبروا جميعا على اعتناق الكاثوليكية ابتداءا من سنة 1500م. فرغم الترسانة الرهيبة من القرارات و النقاط التنظيمية الهادفة لإدماج الأندلسيين في المجتمع النصراني القادم غزوا من الشمال, و رغم بطش محاكم التفتيش و إرهابها لمن حافظ على الإسلام و لو خفية, فقد بقيت التعاليم و المظاهر الإسلامية قائمة في المجتمع الأندلسي بشكل أرّق سلطات الاحتلال الإسباني و جعل مشروع كثلكة إسبانيا غير قابل للتطبيق في ظل وجود أحفاد للمسلمين يرفضون رفضا قاطعا اعتقاد النصرانية, بل و يرفضون حتى التشبه بالنصارى في أبسط أمورهم كالقذارة و نبذ النظافة مثلا.

بعد قمع سلطات الاحتلال القشتالي لثورة أندلسيي غرناطة سنة 1570م, التي تزعمها محمد ابن أمية ثم ابن عبو رحمهما الله, تمّ توزيع مسلمي هذه المملكة شدر مدر على باقي المماليك الإسبانية رغبة منهم في كسر شوكتهم و تفريقهم للفت من قوتهم, عندها اعتقدت الكنيسة و الدولة أن مشكلة إسلام الأندلسيين في طريقها إلى الحل. لكن خيبتهم كانت كبيرةحيث جاءت النتائج عكسية, فبعد بضع سنين على نفي الغرناطيين ظهر أن هذا النفي ساعد المسلمين بمناطق أخرى على التشبث بالإسلام و قوّى عزمهم على المقاومة؛ فاستحكم اليأس في نفوس رجال الدولة و الكنيسة من تنصير المسلمين "قبل أن ييأس الأندلسيون أنفسهم من تخليص أنفسهم من الاستعباد النصراني القشتالي الذي وقعوا فيه, و من مساندة إخوانهم المسلمين من وراء البحار. فبعد إرغام الأندلسيين على التنصر, و حرق كتبهم, و مسخ ثقافتهم, ومصادرة أموالهم, و استعباد أبنائهم و نسائهم, و قتل رجالهم و قمع ثوراتهم, و متابعتهم لأتفه الأسباب, و منعهم من لغتهم العربية و عاداتهم و أسمائهم, و متابعة تشريدهم و تشتيتهم, و حرق زعمائهم, ثم خذلان الدول الإسلامية عبر البحار لهم, لم تصل الكنيسة الكاثوليكية و لا الدولة الإسبانية إلى النتيجة المبتغاة منهم. فانهزمت الكنيسة أمام تصميمهم على الثبات على الإسلام, و ارتعبت الدولة منهم على ضعفهم و قلة حيلتهم و هوانهم على الناس كلما اكتشفت أو تخيلت مؤامرة ضدها من طرفهم"

"اطمأنت الدولة الإسبانية من وقوع ثورات جديدة في مملكة غرناطة بعد أن طردت عددا كبيرا من الغرناطيين سنة 1570 و شتتهم على أنحاء قشتالة, فوجهت اهتمامها إلى مسلمي مملكتي بلنسية و أراغون القديمة, تهدد تجمعاتهم بالطرد و التشتيت". (1)

هذا اليأس من تنصير المسلمين أدى إلى التفكير في حلول أخرى تُخرج إسبانيا من ورطتها. فأخذت الدولة و الكنيسة في جمع الاقتراحات التي انقسمت إلى عدة حلول:

- الحل الأول: اقترحه الراهب فرانسيسكو دي رباس سنة 1582, و ألونسو كوتريس سنة 1588م, و يعتمد على تجميع الأندلسيين الذين يرفضون النصرانية و يختارون الإسلام في أحياء خاصة بهم, على أن يُضيّق عليهم تضييقا شديدا.

- الحل الثاني: اقترحه الراهب تريخوس سنة 1573 (و هو من أب نصراني و أم أندلسية. حمته عائلة أمه من بطش النصارى إبان ثورة غرناطة الكبرى) , و فحوى هذا الاقتراح هو اختطاف كل الأطفال الأندلسيين الذين لا تتعدى أعمارهم 6 سنوات و تسليمهم للنصارى القدامى لتربيتهم على دين النصرانية, و منعهم من الزواج حتى لا يتناسلوا, و بهذا ينقرضون مع الأيام.

- الحل الثالث: اقترحه المطران ربيرا, و يهدف إلى القضاء على الأندلسيين بالاسترقاق, و أخذ كل سنة بضعة آلاف منهم للعمل في السفن و المناجم حتى يتم إفناؤهم.

- الحل الرابع: اقترحه بعض وزراء الملك فيليب الثاني, يقوم على جمع كل الأندلسيين و حملهم على السفن ثم إغراقهم في عرض البحر.

- الحل الخامس: اقترحه مارتين دي سالبتيرة, أسقف سقوربة بمملكة بلنسية, يقوم على إخصاء كل الذكور الأندلسيين, كبارا و صغارا, و بهذا ينقرضون بسرعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير