[مبررات إسبانيا لطرد المسلمين سنة 1609م.]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[30 - 04 - 09, 04:13 ص]ـ
سم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
لم يجد الساسة و رجال الكنيسة و المؤرخون الأسبان كبير عناء لتبرير طردهم للمسلمين من إسبانيا. فحسب الرواية القستالية الرسمية: سنة 1609م شهدت إعادة الأمور إلى نصابها بشبه الجزيرة الأيبيرية. فالمسلمون كانوا جسما غريبا طارئا على هذه البلاد التي دخلوها بعد غزو دموي سنة 711م (93ه) , و بعد 800 سنة هزموا على يد الملكين الكاثوليكيين في نهاية لحروب الاسترداد (( Reconquista التي اختتمت سنة 1492م برفع الصليب على أسوار الحمراء. و رغم تعميد المسلمين المغلوبين و الجهود الكبيرة التي بدلت لإدخالهم في مملكة يسوع فقد بقوا كفرة مرتدين يتبعون تعاليم الدين المحمدي و شكلوا طابورا خامسا يستغله أعداء مملكة إسبانيا لتدميرها من الداخل.
لقد كان على مئات الآلاف من المسلمين الذين تخلّفوا بأرض الأندلس بعد سقوط دولة الإسلام مجابهة فتن كقطع الليل المظلم استهدَفت دينهم و دنياهم: فقد حُكم عليهم بترك العقيدة و المظاهر الإسلامية و إتباع العقيدة الكاثوليكية و التشبه بالنصارى حتى في أبسط الأمور, و من لم يلتزم بتلك الأوامر يٌعرّض نفسه للقتل و السجن و التعذيب و التهجير و مصادرة الأملاك و الأموال. فاضطروا لإظهار النصرانية و إضمار الإسلام في انتظار فرج من عند الله يكشف غمتهم و يرفع الحيف عنهم؛ و استمروا على هذه الحال إلى سنة 1609م لمّا قرر الملك فيليبي الثالث طرد الأندلسيين من مملكته الكاثوليكية إلى بلاد البربر بشمال إفريقيا.
لقد حاول الأسبان الدفاع عن هذا الطرد و قدّموا عدّة مبررات محاولين إخفاء فظاعة عملهم الهمجي اتجاه شعب مسلم هو أولى بالأندلس التاريخية من غزاة برابرة قادمين من الشمال. و من بين هذه المبررات:
1 - تشبّث الأندلسيين بالإسلام و رفضهم الاندماج في المجتمع النصراني.
حسب الرواية القشتالية الرسمية, لم يُبد الأندلسيون رغبة في الاندماج في المجتمع النصراني و بقوا في معزل عنه, يقومون بشعائرهم الإسلامية و يدافعون عنها بكل تفان. و حتى لا يصطدموا بمحاكم التفتيش لجئوا إلى ممارسة التقية فأظهروا النصرانية و أخفوا الإسلام, فكانوا يتوضئون و يصلون و يصومون ... كل ذلك في خفية عن أعين الوشاة و المحققين.
يتحدث مول في كتابه عن قرية مويل Muel فيصف كيف يصنع سكانها الأندلسيون الخزف و يُضيف:"قالوا لي إن القرية ليس بها سوى 3 مسيحيين قدامى هم الكاتب الشرعي, و القسيس و صاحب الحانة .. أمّا الباقون فهم يُفضّلون الذهاب إلى مكة للحج عن السفر إلى كنيسة سانتياغو في غاليثيا". (1)
سنة 1601م, كتب المطران ربيرا, مهندس قرار الطرد, تقريرا عن هذا الوضع قدمه إلى الملك قال فيه:"إن الدين الكاثوليكي هو دعامة المملكة الإسبانية, و إن المورسكيين لا يعترفون و لا يتقبلون البركة و لا الواجبات الدينية الأخيرة, و لا يأكلون لحم الخنزير, و لا يشربون النبيذ, و لا يعملون شيئا من الأمور التي يقوم بها النصارى ... " ثم يقول:"إننا لا نتق في ولائهم لأنهم مارقون, و إن هذا المروق العام لا يرجع إلى مسالة العقيدة, و لكنه يرجع إلى العزم الراسخ في أن يبقوا مسلمين, كما كان آباؤهم و أجدادهم, و يعرف مفتشو العموم أن المورسكيين بعد أن يحجزوا عامين أو ثلاثة و تشرح لهم العقيدة في كل مناسبة, فإنهم يخرجون دون أن يعرفوا كلمة منها, و الخلاصة أنهم لا يعرفون العقيدة, لأنهم لا يريدون معرفتها, و لأنهم لا يريدون أن يعملوا شيئا يجعلهم يبدون نصارى" (2)
و في تقرير آخر يقول نفس المطران:"إن المورسكيين كفرة متعنتون يستحقون القتل, و أن كل وسيلة للرفق بهم فشلت, و إن إسبانيا تتعرض من جراء وجودهم فيها إلى أخطار كثيرة و تتكبد في رقابتهم و السهر على حركاتهم و إخماد ثوراتهم كثيرا من الرجال و المال .. " (3)
و جاء في قرار الطرد الخاص بمسلمي بلنسية: " ... قد علمت أنني على مدى سنوات طويلة حاولت تنصير مورسكيي هذه المملكة و مملكة قشتالة, كما علمت بقرارات العفو التي صدرت لصالحهم و الإجراءات التي اتخذت لتعليمهم ديننا المقدس, و قلة الفائدة الناتجة من كل ذلك, فقد لاحظنا أنه لم يتنصر أحد, بل زاد عنادهم." (4)
¥