تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معاناة الأندلسيين المسلمين عند طرد 1609م.]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[01 - 05 - 09, 10:05 م]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.

اتسم تنفيذ قرار طرد المسلمين من إسبانيا سنة 1609 بهمجية و إجرام لم يسبق لهما مثيل. فالسلطات الإسبانية لم تكن تهدف فقط لطرد بقايا "المورو" بل عملت على استنزافهم و إذلالهم حتى في اللحظات الأخيرة من وجودهم على تراب موطنهم. لقد أبدى القشتاليون جشعا منقطع النظير و طمعا ليس فقط في الأراضي التي سيتركها المسلمون خلفهم, بل حتى في أغراضهم و ممتلكاتهم الشخصية, فقد أٌمهل الأندلسيون 3 أيام يتوجهون خلالها إلى نقاط تجميعهم لحملهم خارج البلد, و يحملون معهم ما يستطيعون من أموالهم, أما الأموال التي لا يستطيعون نقلها فينبغي أن تبقى سليمة, و أن الذي يخفي أو يحطم تلك الأموال سيحكم عليه بالإعدام, كما أن الملك فيلب الثالث قد منح تلك الأموال و الأشياء إلى النبلاء الذين سيرحّل تابعوهم المسلمين. (1)

و كمثال على ذلك ما فعل أحد نبلاء إسبانيا, حيث لمّا سمع الكونت دي كونيستينيا, و هو المشتهر ببخله و قسوته, جمع عماله المسلمين و حبسهم و أخذ منهم أموالهم كلها حتى تلك الأشياء الخاصة بالاستعمال الشخصي مثل الثياب و الجواهر. (2)

حتى تلك الأموال القليلة التي استطاعوا إخفاءها إلى حين الطرد كانت هدفا لهجمات عصابات فئة ممن تجردوا من الرحمة و المدفوعين بالكراهية و الرغبة في الحصول على الغنائم (3). لقد وصل الجشع بالأسبان ألّم يسمحوا للمسلمين ببيع الماشية و المحاصيل و الزيت ليبقى كل ذلك لصالح السادة. (4)

هذه العمليات و الإجراءات الإجرامية وصلت إلى آذان الملك فيليب الثالث عبر رسائل عديدة من المسؤولين عن الطرد يطلبون فيها تدخله لوقف هذا الإرهاب ضد المسلمين, لكنهم كانوا يطلبون الربح مما فيه خسران, فقد كان الملك مرتاحا و راضيا عمّا يحدث لبقايا المورو.

و أدناه نص لبعض تلك الرسائل, و الحق ما شهدت به الأعداء.

"رسالة ماركيز كاراثينا إلى صاحب الجلالة. بلنسية في 3 أكتوبر 1609.

سيدي:

إن أعمال السرقة و الأذى التي يرتكبها المسيحيون القدامى ضد المورسكيين في هذه المملكة تتزايد لدرجة أن كل الاحتياطات التي اتخذناها لا تكفي؛ بل يجب اتخاذ تدابير جديدة, و ذلك لعدم وجود طرق آمنة؛ فلقد مات 15 أو 20 موريسكيا في يومين أو ثلاثة, و قد سٌلِب من المورسكيين نقود كثيرة, إذ يرى المواطنون أن هؤلاء يحملون معهم كل ممتلكاتهم فيستغلون الفرصة. و نظرا لطبيعة هؤلاء الناس فإنني أدرك أن هذا بمثابة إجبار المورسكيين على الثورة رغما عنهم.

عدد المفوضين الموجودين معي حوالي 30, بالإضافة إلى الدكتور رودريغيث و الرئيس العام. و اعتبارا من اليوم سأرسل آخرين على أن يقوموا بتنفيذ القانون بصرامة حسبما يتطلب الوضع. و جلالتكم ستتخذون القرارات المناسبة.

حفظكم الله.

بلنسية في 3 أكتوبر عام 1609." (5)

لم يحرك الملك ساكنا, فراسل كاراثينا الملك يخبره أنه اتخذ إجراءات لردع المعتدين.

"بعد ذلك بأيام و بتاريخ 6 أكتوبر 1609م, أرسل ماركيز كاراثينا رسالة أخرى إلى الملك جاء فيها ما يلي:

إن عمليات الاعتداء التي يقوم بها المسيحيون القدامى في القرى ضد المورسكيين لتعساء كانت من الكثرة لدرجة أعجب أن المورسكيين لم يقابلوا ذلك حتى بمجرد توجيه السباب. لقد سُرق من مورسكيي الكوى و غورغا أغنام و دواب كثيرة. لقد أرسلتٌ الحٌجاب و أمرت بإعادة المسروقات, رغم أنه لم يمكن إعادة المسروقات كلها, و قد أمرت بنشر قرار يعاقب بالإعدام كل من يتعرض لحياة أو أمتعة المورسكيين.

هناك فرقة لصوص تنطلق من قرية دوق غانديا, و تسرق أغنام المورسكيين و تُلحق بهم الأذى, و يرأس هذه الفرقة حاجب كان يستعمله الذوق و اسمه خافير. سأحاول إلقاء القبض عليه و معاقبتهم بشدة." (5)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير