يبرز بيانويبا نقطة ضعف شديدة فى كتابات مؤيدى الطرد: إنهم يهاجمون خصما لن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه مطلقا. يقول:"رغم هذا الحديث من جانب واحد فإن الكتابات المؤيدة للطرد تدين نفسها بنفسها، فهى تعى انتصار إسبانيا، لكنها تنطوى على حزن عميق". يقول بيانويبا إن الكتب التى دافعت عن قرار طرد الموريسكيين أخفت حالة الحزن العظيم الذى سببته عملية الطرد فى أنحاء إسبانيا.
وكانت عناوين الكتب فى حد ذاتها تبرر عملية الطرد، ويرى بيانويبا أن الهدف من وراء تلك الكتب كان هو الدفاع عن عملية الطرد فى مواجهة رأى عام مناهض لها.
كان من أشد المدافعين عن الطرد كل من أثنار كاردونا والراهب خايمى بليدا الذى حاك الدسائس فى روما وبين طبقات المجتمع الإسبانى – بالتعاون مع دوق ليرما- من أجل طرد الموريسكيين. تكمن أهمية كتاب بليدا فى أن الذرائع التى يسوقها كانت هى نفسها التى رددها المؤلفون المؤيدون لعملية الطرد فيما بعد. هذا معناه أن المدافعين عن عملية الطرد لم يكن لهم رأى مستقل ولم تكن لديهم أسباب يعرضونها، بل كانوا يرددون ما يقوله غيرهم.
على أن هذه الكتب المغرضة لا تخلو من فائدة، فرغم "التزييف والتملق والكذب الموجود فى الكتابات المؤيدة لعملية الطرد"فإن هذه الكتابات تقدم لنا معلومات مفيدة ليست موجودة فى مصادر أخرى، مثل وصف الحالة النفسية التى صاحبت عملية الطرد.
ثم يعرض بيانويبا ما كتبه مؤرخو القرن التاسع عشر فى إسبانيا حول الموريسكيين ويناقش آراءهم.
اعتمدت دراسات القرن التاسع عشر على قاعدة وثائقية كانت تفتقر إليها كتابات القرن السابع عشر. رغم ذلك، ورغم ادعاء الموضوعية، فإن كتابات القرن التاسع عشر لم تستطع سوى مرات قليلة أن تتجاوز الحصار المفروض حول القضية. إن الأخطاء التى وقع فيها مفكرو القرن التاسع عشر بدورهم ترجع إلى اعتمادهم على الوثائق الحكومية فقط، والتى تؤكد أن طرد الموريسكيين كان ضرورة حتمية.
يتحدث دانفيلا عن طرد الموريسكيين على أنه كان مأساة لإسبانيا، لكنه ينفى أن يكون ازدهار إسبانيا السابق بفضلهم، ويتساءل: لو كان الموريسكيون من العمال المهرة، فلماذا لم تزدهر بلاد شمال إفريقيا بعد لجوئهم إليها؟
يقول بيانويبا أن دانفيلا لم يتورع عن حذف فقرة فى رسالة بعث بها أسقف سيغوربى إلى الملك عام 1587 وهى تقترح نفى الموريسكيين إلى سواحل تيرانوبا الباردة وإخصاء " الذكور البالغين والنساء والأطفال". الغريب فى الأمر أن برونات اكتشف الحذف، لكنه فسره على أنه خطأ غير مقصود ارتكبه من قام بنسخ أعمال دانفيلا! ومن المناسب هنا أن نذكر أن المذكرة الشهيرة التى كتبها نونييث مولاى دفاعا عن الموريسكيين قد تعرضت لحذف بعض فقراتها كما يشير خوليو كارو باروخا (2)
ينتقل بيانويبا إلى بيلايو فيذكر أنه كان من الموافقين على عملية الطرد، وينتقد فيه "قلة التأصيل عنده"، فهو لا يهتم بالوثائق ولا يرجع إلا إلى كتابات المؤيدين للطرد. يقول بيانويبا إن أهم إضافة لبيلايو هى أكذوبة مفادها أن طرد الموريسكيين كان تنفيذا إجباريا لقانون تاريخى. (3)
أما برونات إى باراتشينا –كما يشير بيانويبا- فيعيبه أنه كان يكره كل ما هو مسلم، وأنه كان يعمل بناء على طلب مدرسة كاثوليكية أنشأها ريبيرا. (4)
يقول بيانويبا إن كتابات القرن التاسع عشر سيطرت عليها رغبة قوية فى تبرير ما حدث للموريسكيين، ويفهم بيانويبا ذلك على أنه كان نوعا من الندم على ذنب لم يعترف الإسبان به
يذكر بيانويبا أن القرن التاسع عشر فى مجمله كان استمرارا لتيار كراهية الإسلام، وأن الصوت الوحيد المعارض لذلك كان صوت إدواردو سيابيدرا فى خطاب التحاقه بأكاديمية التاريخ الملكية. كان خطاب سيابيدرا يشير إلى جوانب إيجابية عند الموريسكيين، لكن سيابيدرا عورض فى جلسة الاحتفال نفسها، حين خالف كانوباس ديل كاستيوأعراف الاحتفالات وألقى خطبة حادة أشار فيها إلى أن اجتثاث الشعب الموريسكى كان ضرورة حتمية " على الرغم من أدبه الأعجمى وعاداته الإسبانية". (2) بل إن كانوباس ديل كاستيو لم يتورع عن تزييف معلومة تاريخية مهمة بشكل متعمد (ملاحظة رقم 3 فى الفصل)
¥