تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أراد بها أصحابها خداع المسلمين بالتسمي باسم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد بين العلماء والمؤرخون في ذلك الزمان كذب تلك الدعوة وأن مؤسسها أصله مجوسي يدعى سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح ابن ديصان الدنوي الأهوادي، وسعيدٌ هذا تسمى بعبيد الله عندما أراد إظهار دعوته ونشرها ولقب نفسه بالمهدي. فالنسبة الصحيحة لدولته أن يقال: العبيدية. كما ذكر ذلك جملةٌ من العلماء المحققين، ويظهر من نسب مؤسسها الذي ذكر آنفاً أن انتسابهم إلى آل البيت كذب وزور، وإنما أظهروا ذلك الانتساب لاستمالة قلوب الناس إليهم.

قال العلاّمة ابن خلكان في وفيات الأعيان: والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم في النسبة المحمدية أصلاً. وقال الذهبي في العبر في خبر من غبر: المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق. وقد ذكر غيرهما من المؤرخين أنه في ربيع الآخر من عام أربعمائة واثنين للهجرة كتب جماعةٌ من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والمحدثين وشهدوا جميعاً بأن الحاكم بمصر وهو منصور الذي يرجع نسبه إلى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، وأن الذي ادعوه إليه باطلٌ وزور، وأنهم لا يعلمون أحداً من بيوتات علي بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كذبة وأن هذا –أي الحاكم بأمره الذي يزعم أنه فاطميٌ- هو وسلفه كفّارٌ فسّاقٌ فجارٌ ملحدون وزنادقة معطلون للإسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون. قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمرة وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكُتب هذا سنة اثنتين وأربعمائة. وقد ذكر ابن كثيرٍ رحمه الله في كتاب البداية والنهاية بعد أن نقل هذا: وقد كتب خطه في المحضر خلقٌ كثير.

ثانياً: أنهم يظهرون مناصرة لآل البيت:

وهذه الدعوة أظهروها حيلةً نزعوا إليها استغلالاً لعواطف المسلمين لعلمهم بمحبة أهل الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته. وقال النويري: وحكى الشريف وأبو الحسين محمد بن علي المعروف بأخي محسن في كتابه أن عبد الله بن ميمون كان قد سكن بسباط أبي نوح وكان يتستّر بالعلم، فلما ظهر أمره وما كان يضمره ويستره من التعطيل والإباحة والمكر والخديعة ثار عليه الناس.

ثالثاً: أن حال تلك الدولة العبيدية الفاطمية أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض:

قال الباقلاني رحمه الله عن القداح جد عبيد الله: وكان باطنياً خبيثاً حريصاً على إزالة ملة الإسلام، أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه: أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد الخلق. وقال أبو الحسن القابسي صاحب الملخص الذي قتله عبيد الله: وبنوه بعده أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالمٍ وعابد ليردّهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت. يعني أن هؤلاء العبيديين قد نحروا أربعة آلافٍ من المسلمين الموحدين ما بين عالمٍ وعابد من أجل أنهم يترضون عن الصحابة رضوان الله عليهم.

وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفساداً وكفراً وقتلاً للعلماء والصلحاء. وقال الشاطبي المالكي في كتاب الاعتصام: العبيدية الذين ملكوا مصر وأفريقية زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام وأن الخواص منهم قد ترقوا عن تلك المرتبة، فالنساء بإطلاق حلالٌ لهم، كما أن جميع ما في الكون من رطبٍ ويابس حلالٌ لهم أيضاً مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل.

رابعاً: موقف العلماء من تلك الحقبة:

كان العلماء يظهرون الشناعة على العبيديين وعلى أفعالهم المشينة. وقد تقدم ذكر عدد منهم. وقال السويطي في تاريخه: ولم أورد أحداً من الخلفاء العبيديين لأن خلافتهم غير صحيحة، وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام.

خامساً: إن مما يتبين لكل أحد بعد الاطلاع على أقوال العلماء والمؤرخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لواءها ويدعو بدعوتها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير