تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لذلك نجد أن المسلمين في الماضي فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في عام خمسمائة وسبع وستين. فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس إلى الانتساب إلى تلك الدولة العبيديّة الضالة. ومثل هذه الدعوة غشٌّ وخيانة للإسلام وأهله. ونصيحتنا لأهل المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليهما. وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

عباد الله!

لقد كان هؤلاء الباطنية في تاريخ الإسلام عيباً وشناراً وعاراً على أهل الإسلام. لقد كانوا نصراء لكل ملحدٍ ويهودي ونصراني صليبي ممن غزوا بلاد الإسلام أو طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. وقد بدأ هؤلاء العبيديون الذين تسموا بالفاطميين زوراً دعوتهم في بلاد المغرب، و اعتنق ذلك كثيرٌ من البربر، حتى إن كثيراً من وزراء الأغالبة في شمال أفريقية كانوا على مذهبهم، فقد تسللوا إلى دولة الأغالبة، وكان من أبرز دعاتهم رجلٌ من بلاد اليمن في الأصل له من ضروب الحيل ما لا يحصى، بدأ بنشر دعوتهم في بلاد المغرب، ثم بسط نفوذهم في بلاد أفريقية , فوقعت في يده بلاد عديدة. وأعلن الفاطميون قيام دولتهم سنة مائتين وست وتسعين للهجرة إثر تغلبهم على الأغالبة في موقعة الأربذ. ثم اتجهت أنظارهم إلى مصر لوفرة ثرواتها وقربها من بلاد المشرق وأرادوا إقامة دولةٍ مستقلةٍ تنافس الخلافة السنّية العباسية في بغداد، فوجهوا أكثر من حملة للاستيلاء على مصر. وفي سنة ثلاثمائة وثمان وخمسين عاد الخليفة العبيدي إلى جوهر الصقلّي كتاباً بالأمان وفيه أن يظل المصريون على مذهبهم ولا يلزموا بالتحول للمذهب الباطني، وأن يجري الأذان والصلاة وصيام رمضان وفطر رمضان والزكاة والحج والجهاد على ما ورد في كتاب الله ورسوله. ولم يكن كتاب جوهر لأهل مصر إلا مجرد مهادنة، وعندما وصل المعز الفاطمي إلى القاهرة سنة ثلاثمائة واثنين وستين ركز اهتمامه على تحويل أهلها إلى المذهب الباطني. واتبع الباطنيون العبدييون في ذلك طرقاً منها: إسناد المناصب العليا وخاصة القضاء لأهل مذهبهم، واتخاذ المساجد الكبيرة مراكزاً للدعاية لهم كالأزهر وجامع عمرو ومسجد أحمد بن طولون وأمعنوا في إظهار شعائرهم المخالفة لأهل السنة في الأذان والاحتفال بالعاشر من محرم وهم أول من ابتدع عيد المولد النبوي، وقد صنف العلماء في بيان حقيقتهم كما تقدم وصنف الباقلاني كتابه "كشف الأسرار وهتك الأستار" في بيان فضائحهم. فما هي إنجازات هؤلاء العبيديين الذين تسموا بالفاطميين؟

لما غزى الصليبيون بلاد الشام وكان فيها أصلاً من أهل ملتهم من فيها من أهل الصليب، وكذلك الحشيشية، وتغلّب الفرنج على سواحل الشام حتى أخذوا القدس ونابلس وعجلون والغور وبلاد غزة وعسقلان وطبرية وبانياس وصور وعكة وصيدة وبيروت وصفد وطرابلس وأنطاكية وجميع ما وراء ذلك إلى ما وراء ذلك من البلاد حتى آمد والرهى ورأس العين، وقتلوا من المسلمين خلقاً وأمماً لا يحصيهم إلا الله، وسبوا ذراري المسلمين من النساء والولدان؛ في هذه البلاد التي فتحها الصحابة من الذين كانوا يمدهم؟ من الذين كانوا يمدونهم ويعينونهم؟ إنهم الباطنية الخبثاء. ولمّا قبض الحاكم بأمره زمام الأمور عمد إلى إصدار كثير من الأوامر والقوانين المبنية على مذهب الباطنية ومن ذلك نقش سب الصحابة في جدران المساجد والأسواق والشوارع والدروب، وصدرت الأوامر إلى العمال بمراعاة ذلك. وكذلك فعلوا لما ظهروا بتونس وأظهروا الباطنية القبيحة وسب الصحابة. وكان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد، يعني في زمن هذه الدولة الفاطمية في حالٍ شديدةٍ من الهضم والتستر والاستضعاف كأنهم أهل ذمة، ولما أظهر بنو عبيد أمرهم ونصبوا حسين بن الأعمى السباب في الأسواق للسب بأسجاعٍ لُقنها ومنها: العنوا الغار وما وعى، والكساء وما حوى. ولا شك أن الغار كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ. وعُلِّقت رؤوس الأكباش والحمير في أبواب الحوانيت وعليها قراطيس معلقة مكتوب عليها أسماء الصحابة. واشتدَّ الأمر على أهل السنة جداً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير