تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم غلا بعض دعاتهم في عبيد الله المهدي حتى أنزله منزلة الإله وأنه يعلم الغيب وأنه نبيٌ مرسل. وهكذا قام من هؤلاء العبيديين من ادعى الألوهية. وقال ابن كثير رحمه الله في سنة 411 مات الحاكم ابن المعز الفاطمي صاحب مصر. فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك لأنه كان جباراً عنيداً وشيطاناً مريداً، كثير التلون في أفعاله وأحكامه، وكان يدعي الألوهية كما ادعاها فرعون. فأمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس أثناء الخطبة على أقدامهم صبوباً إعظاماً لذكره واحتراماً له، وبلغ شرّه الحرمين الشريفين وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا على ذكره خروا سجداً له، حتى إنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم. وكذلك أمر في وقتٍ لأهل الكتابين بالدخول في الإسلام ثم أذن لهم بالعودة إلى دينهم، وابتنى مدارس لليهود وازداد ظلمه حتى عنَّ له أن يدعي الربوبية وأمر الناس أن يقولوا إذا رأوه: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت.

وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: وكان ابن سينا –الذي يجهل كثير من المسلمين أن ابن سينا من الملاحدة الباطنية– يقول ابن سينا كما أخبر عن نفسه: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم. فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يمؤنون بمبدأٍ ولا معاد ولا بربٍ خالق ولا رسولٍ مبعوث جاء من عند الله. وهؤلاء زنادقة يتسترون بالرفض ويبطنون الإلحاد المحض وينتسبون إلى آل البيت زوراً وعدواناً. قال ابن كثير في اعتدائهم على الحجر الأسود في حوادث سنة 413: جرت كائنةٌ غريبةٌ عظيمة ومصيبةٌ كبيرة. فقد جاؤوا مع الحجيج من مصر فلما طافوا وكان اليوم النفر الأول انتهى أحدهم إلى الحجر الأسود وقد أخفى آلةً في يده، فضرب الحجر بدبوسٍ عظيمٍ كان معه -وهذه حديدةٌ كبيرةٌ- ثلاث ضربات متوالية. و قال: إلى متى نعبد هذا الحجر، ولا أحد يمنعني فإني أهدم البيت اليوم. حتى استطاع الحجاج على التغلب عليه وسقط من الحجر ثلاث فلقٍ مثل الأظفار. وبدا ما تحتها أسمر. يقول ابن كثير: يضرب إلى صفرة محبباً مثل الخشخاش. فأخذ بنو شيبة تلك الفلق فعجنوها بالمسك وحشوا بها تلك الشقوق التي بدت فاستمسك الحجر واستمر على ما هو عليه الآن وهو ظاهرٌ لمن تأمله. يعني أثر هذه الخدوش فيه. من البداية والنهاية.

وكذلك لما قامت الفرنجة الصليبية بغزو ديار الإسلام كانوا قد اتّفقوا معهم ودعوهم إلى مصر. وفعلاً جاء الفرنجة وحاصروا دمياط في سنة 565 وضيّقوا على أهلها وقتلوا أمماً كثيرة وجاؤوا من البر والبحر. وكان من فضل الله أن ردّ كيد الفرنجة والعبيديين الذين كاتبوهم ففشلت تلك الحملة. ومن خياناتهم أنه لما أقبلت جحافل الفرنج إلى الديار المصرية وبلغ ذلك أسد الدين شيراكوه فاستأذن الملك نور الدين محمود من أهل السنّة في الذهاب إليها للتصدي لهم، فلما بلغه أنهم قد اجتمعوا واستشار من معه خافوا وهموا بالرجوع إلا واحداً من المسلمين في جيش أسد الدين شيركوه. قال: أما من خاف القتل والأسر فليقعد في بيته وأسرته، وأما من أكل أموال الناس فلا يسلم بلادهم على العدو. وقال مثل ذلك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. فعزموا فعزم الله لهم فساروا نحو الفرنج فاقتتلوا اقتتالاً عظيماً فانتصر المسلمون والحمد لله.

وكان العبيديون أصحاب تسلطٍ وجورٍ. وقد سجنوا من المسلمين من سجنوا. وحرموا الإفتاء بمذهب مالكٍ رحمه الله. ومن يتجرأ على ذلك يُضرب ويسجن ويُقتل أحياناً. وأجبروا الناس على الفطر قبل رؤية الهلال. ومن القصص التي حدثت قصة الإمام الشهيد قاضي مدينة برقة محمد بن الحبلة أتاه أمير برقة من جهة العبيديين فقال: غداً العيد. قال القاضي: نرى الهلال ولا أفطر الناس وأتقلّد إثمهم. قال: بهذا جاء كتاب الخليفة -يعني العبيدي- وكان ممن يفطر بالحساب ولا يعتبر الرؤية. فقلم يُر هلال ثاني يوم. لم ير الهلال. فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهبة العيد فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلي. فأمر الأمير رجلاً خطب وكتب إلى العبيدي بما حصل فطلب القاضي إليه. وقال: تنصّل وأعفو عنك فامتنع. فعُلِّق في الشمس إلى أن مات. وكان يستغيث من العطش فلا يسقى وصلبوه على خشبة، فلعنة الله على الظالمين. فهذا بعض من جرائمهم. نسأل الله أن يرد كيد الحاقدين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير