بالإغارة على مكة وقتل الحجيج في فجاج مكة وعرّى البيت وقلع بابه واقتلع الحجر الأسود وأخذه وطرح القتلى في بئر زمزم. وفعل أفعالاً لا يفعلها اليهود ولا النصارى أبداً. وبقي الحجر عندهم أخذوه إلى هجر حتى أعاده الله إلى المسلمين. وأبو طاهر هذا الباطني القرمطي كان يقف على باب الكعبة والمسلمون يقتلون أمامه في المسجد الحرام وهو يقول يوم التروية:
أنا لله وبالله أنا
يخلق الخلق وأفنيهم أنا
قال ابن كثير رحمه الله: فكان الناس يفرون منهم ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك شيئاً.وأمر بقلع كسوتها وشقّقها بين أصحابه. وكذلك فإنه جعل يستهزئ بالناس وهو يقتلهم ويقول: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ
إن كان في القلب إسلامٌ وإيمان
وهكذا اعتدوا على قوافل الحجاج، وكانوا يعطونهم الأمان ثم يقتلونهم. ومن فتنهم العظيمة التي قتلت فتنة البساتيري، وكان واحداً من رؤوسهم. وهكذا صاروا يغيرون على أهل السنة ويفتنونهم. ومن ضحاياهم الإمام أبو بكر النابلسي رحمه الله. فإن العبيدي أحضره بين يديه المعز وقال له: بلغني عنك أنك قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميتنا بالعاشر. قال: ما قلت هذا. فظن العبيدي أن الإمام أبو بكر النابلسي قد رجع عن قوله. قال: إذاً كيف قلت؟ قال: قلت: ينبغي أن نرميكم بتسعة ونرميهم بالعاشر. قال: ولم؟ قال: لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الإلهية وادعيتم ما ليس لكم. فأمر بأن يُضرب ضرباً مبرحاً بالسياط. ثم أمر بسلخه وجاء بيهودي ليسلخه، وجعل الإمام أبو بكر يقرأ القرآن. قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه. فلما بلغت في سلخي تلقاء قلبه طعنته بالسكين. وهذا شهيد نابلس عليه رحمه الله تعالى. فهذا بعض ما فعلوه. هذه طوائف الباطنية من العبيدية والبويهية والصفوية والحمدانية وغيرهم والقرامطة ممن عاثوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. ثم يقوم اليوم من يدعو إلى إعادة الخلافة الفاطمية ودولة العبيديين!!
عباد الله!
هذه أمةٌ مرحومة. جعلت عافيتها في أولاها , وسيصيب آخرها بلاءٌ وفتنة. ولذلك فإن المسلم يسأل الله العافية ويتمسك بالكتاب والسنة ويسأل الله أن يحييه على التوحيد وأن يميته عليه، وأن يجعله مستمسكاً بالسنة طيلة حياته. وهذا رأس مالنا إذا فقدناه فماذا بقي؟
وفي التاريخ عبرٌ وعظات، وكثيرٌ من الناس لا يعرفون من شأن هؤلاء الباطنية شيئاً أو نزراً قليلاً. والمسألة كما قلنا أخطر من اليهود وعباد الصليب. ولذلك فإن الابتلاء القائم في هذه الأمة يدفع المسلم إلى الاستمساك بالكتاب والسنة وأن يربي نفسه وأهله عليها. اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، والنجاة يوم المعاد، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين. اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً فاقبضنا إليك غير مفتونين. اللهم إنا نسألك أن تؤمننا في بلادنا. اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء يا سميع الدعاء. اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان. اللهم من أراد أن يعكر أمننا فخذه. اللهم من أراد أن يعبث بأمننا وإيماننا فانتقم منه، اللهم كفّ يده واقطع دابره، اللهم اكفنا شره. اللهم إنا نسألك لبلادنا هذه السلام والأمان والاستمساك بالإسلام وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين. اللهم دافع عن بلاد وبلاد المسلمين، ومن أرادنا بشرٍ فامكر به. اللهم إنا نسألك أن تجعل خاتمتنا على شهادة ألا إله إلا الله وأن تجعل خروجنا من الدنيا على ما تحب وترضى.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[11 - 05 - 09, 11:19 م]ـ
ترجمةالإمام أبو بكر النابلسي
هو: محمد بن أحمد بن سهل بن نصر، أبو بكر الرملي الشهيد المعروف بابن النابلسي.
صفاته:
كان عابدا صالحا زاهدا، قوالا بالحق، صائم الدهر، كبير الصولة عند الخاصة والعامة.
علمه:
وكان إماماً في الحديث والفقه، صائم الدهر، و كان رحمه الله من المحدثين الكبار، فقد حدّث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن أحمد بن شيبان الرملي. كما حدّث عنه: تمام الرازي، والدارقطني، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن عمر الحلبي، وغيرهم.
قصة استشهاده رحمه الله:
أبو بكر النابلسي عليه رحمة الله، ذلكم الزاهد الورع العابد يوم ملك الفاطميون (العبيديين) الروافض بلاد مصر عطلوا الصلوات وحاربوا أهل السنة وذبحوا من علماء السنة الكثير،
واستدعى المعزٌ الحاكم أبا بكر النابلسي عليه رحمة الله
فقال له:
بلغني عنك أنك قلت لو كان معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت الفاطميين بسهم.
قال أبا بكر لا ... فظن المعز أنه رجع عن قوله، قال المعز كيف؟
قال أبا بكر بل ينبغي رميكم أيها الفاطميون بتسعة ورمي الروم بالعاشر.
فأمر بإشهاره في أول يوم، ثم ضُرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا شديدا مبرحا.
وفي اليوم الثالث، أمر جزارا يهودياً بسلخه، فسُلخ وهو حي من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويردد وهو يُسلخ الآية الكريمة: ? كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ?، حتى بلغ العضد،
فرحمه السلاخ وأخذته رقة عليه، فوكز السكين في موضع القلب، فقضى عليه، وحشي جلده تبناً، وصُلب. وقتل النابلسي في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة من الهجرة.
مصادر القصة:
• تاريخ الإسلام، للإمام الذهبي.
• العبر في خبر من غبر، للإمام الذهبي (الجزء الثاني).
• شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد الحنبلي. (المجلد الثالث، ص: 153).
• البداية والنهاية، للإمام ابن كثير. (الجزء الحادي عشر، ص: 241).
• الكامل في التاريخ، للإمام عز الدين ابن الأثير. (المجلد السابع، ص: 344).
• المنتظم في التاريخ، للإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي.