"وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا" [النساء: 2].
وفي الديون وتوثيققها ..
ونزل في ذلك أطول آية في القرآن:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ. .. " الآية [البقرة: 182].
وفي التجارة ..
" الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [البقرة 275].
وفي المعاهدات السياسية ..
"وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ" [الأنفال: 58]
"إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ " [التوبة:4].
أتُؤمن بنصف المصحف وتكفر بالنصف الآخر؟!
فهل يجوز لمسلم أن يعتقد أن الإسلام يكون في مجال ولا يكون في آخر أو أن الإسلام في القلب وفي المسجد دون المتجر أو المصنع؟
وهل يجوز لدولة أو حكومة أن تقول: " لا سياسية في الدين ولا دين في السياسية"، أو يقول رئيس دولة: " لا دين في الاقتصاد "، أو يقول وزير: " تنقية المناهج المدرسية من الفكر الديني " ... إلى آخر هذه الترهات والخبالات، التي يُخيل لك قائلها وكأنها يرتشف من مرحاض؟!
وكيف يعقل أن يؤمن المسلم بآية قرآنية ويكفر بآخرى، أو يؤمن بحديث شريف ويكفر بحديث آخر .. والله يقول:
" أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [البقرة:85].
وقال مستنكرًا:
" وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ " [النساء: 150] الآية.
إن على المسلم تبعة في هذا الثغر الذي نال خصوم الإسلام من الإسلام عبره، إنها ثلمة في واقع التصور الإسلامي، حتى طلع علينا أذناب الغرب يحاربون الدين الإسلامي كما حاربت أوربا سلطان الكنيسة في العصور الوسطى، وأسقط هؤلاء الأذناب أفكار العلمانية على واقع المجتمعات الإسلامية، فظنوا ألا ملجأ إلى الحضارة والتنوير إلا بالبعد عن الدين كما بعد الغرب عنه، وينبغي أن نقوض دور المسجد كما قتل الغربُ سلطان الكنيسة، وينبغي أن نلغي التعاليم الإسلامية كما نحَّت أوربا تعاليم النصرانية.
ويحهم! ويكأن أذناب الغرب يظنون أن المسجد يخَّرب العقول!
ويكأن أذناب الغرب يعتقدون أن تعاليم الإسلام تحارب العلوم. .!
ويلهم! لو يعلمون، في الوقت الذي كان قساوسة أوربا يحرِّمون على عامة الشعب تعلم القرأة والكتابة، كان محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – يهتف في صحراء الجزيرة: " طلب العلم فريضة على كل مسلم " [الطبراني (الكبير)، عن عبد الله، وصححه الألباني، انظر حديث رقم: 3913 في صحيح الجامع] ..
وأخيرًا .. أوصيك أخي:
أن تُبلغْ للناس دين الله شاملاً كاملاً، من الكتاب والسنة بفهم سلف الأُمة ـ رضي الله عنهم: وأن ترسخ فيهم هذا المبدأ العظيم: "الإسلام منهج حياة ".
** داعية وكاتب مصري، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المشرف العام على موقع نبي الرحمة.