[دعاء حملة العرش]
ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[26 - 04 - 09, 10:40 ص]ـ
أما العرش فهو عرش الرحمن جل جلاله الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها وأقربها إلى الله تعالى، وهو سبحانه وتعالى مستو على عرشه سبحانه وتعالى استواءً يليق بجلاله عز وجل.
وأما حملة العرش فهم صنف من الملائكة شرفهم الله بهذا الشرف العظيم ويتمثل هذا الشرف في أمور منها: حمل عرش الرحمن ومنها قربهم من الله سبحانه وتعالى وعدد الملائكة حملة العرش ثمانية مصداق ذلك في كتاب الله (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية).
أما دعاء حملة العرش ومن حوله فهو ما جاء في كتاب الله (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ً فاغفر للذين آمنوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم).
يخبر الله سبحانه وتعالى عن كمال لطفه بعباده المؤمنين وما قيض لأسباب سعادتهم من استغفار الملائكة المقربين لهم ودعاؤهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم.
لقد جاء أولئك الملائكة بأنواع من العبادات التي يحبها الله تمثلت في تعظيم الله وتنزيهه بتسبيحه وتحميده، ومن ثم دعائه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وفي الآيات كمال أدب الملائكة مع ربهم سبحانه وتعالى بإقرارهم بربويته وبيان حاجتهم وفقرهم إليه جل جلاله.
(يسبحون بحمد ربهم)، إنه ذكر عظيم، أجره كبير وقد جاء في فضل هذا الذكر أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله: {كلمتان خفيفتان علىاللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان اللهالعظيم} [رواه مسلم
وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر) رواه مسلم
وقال عليه السلام فيما رواه مسلم (من قال، حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد، يوم القيامة، بأفضل مما جاء به. إلا أحد قالمثل ما قال أو زاد عليه)
و روى الامام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الكلام أفضل؟ قال: (ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده)
وروى الامام مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عند جويرية بنت الحارث رضي الله عنها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها. ثمرجع بعد أن أضحى، وهي جالسة. فقال ” ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ ” قالت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات. لووزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ”.
لقد تضمنت هذه الآيات وتلك الدعوات موافقة الملائكة لربهم سبحانه في حبه جل جلاله للإيمان وأهله.
إن أهل الإيمان هم أصحاب الفلاح في الدنيا والآخرة، ولهم من المحاسن ما لا يكون لغيرهم، لقد امتن الله عليهم بمنن كثيرة والآء عظيمة ومن ذلك ماجاء في هذه الآيات من استغفار أولئك الملائكة المقربون لهم فمن فوائد الإيمان استغفار الملائكة الذين لا ذنوب عليهم لأهل الإيمان.
رحمة الله واسعة لا يحدها حد، (ربنا وسعت كل شيء رحمة) من أسمائه جل جلاله الرحمن والرحيم، أخرج البخاري ومسلم من حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة …) الحديث، وهو سبحانه وتعالى يحب من عباده الرحماء، الرحمة أيها المسلمون إذا كانت من الله ابتداءً وتفضلاً فينبغي أن تكون بين عباده المؤمنين صفة ملازمة لأخلاقهم ومعاملاتهم، ما أجمل أن تكون الرحمة متمثلة في سلوكنا وتعاملاتنا، إنها الرحمة المنشودة بين الأب وأبناءه والزوج وزوجته، إنها الرحمة بين الرئيس ومرؤوسيه، إنها الرحمة بين المعلم وتلاميذه، إنها الرحمة بين رب الأسرة وخدمه، إنها الرحمة التي ينبغي أن تكون بين أفراد المجتمع
¥