الرحمة بالأرامل واليتامى والفقراء والمساكين، الرحمة بأهل ذلك السجين الذي سُجن لسبب أو آخر فحُبس عن أهله فلا عائل لهم ولا منفق عليهم قال صلى الله عليه وسلم (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) رواه البخاري
إن الله جل جلاله كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وإذا كانت رحمته وسعت كل شيء فكذلك علمه لا يخلو منه مكان، ولا يشغله شأن عن شأن بخلاف المخلوق الضعيف الناقص فعلمه ناقص مسبوق بالجهل، وينتهي أيضا بالموت فلا يعلم إذا مات، وكذلك المخلوق ضعيف يلهيه شأن عن شأن.
أما الرب -سبحانه وتعالى- فلا يلهيه شأن عن شأن، ولا يتضرر بسؤال السائلين ولا بإلحاح الملحين، من يحصي الخلائق؟ لا يحصيهم إلا الله في البراري والبحار وفي الجو والسماوات والأرضين كلهم يسألون الله في وقت واحد يلهجون بذكره وثنائه فيثيبهم ويجيب سؤالهم ويرزقهم ويعافيهم في وقت واحد لا يلهيه شأن عن شأن، سرهم كجهرهم،خَلَقهم وأوجدهم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=67&nAya=14)).
وبعد أن قدم حملة العرش ومن حوله في دعائهم لله تحميده وتسبيحه والثناء عليه بما هو أهله جل جلاله – وهذا كله من آداب الدعاء ومظنة لإجابته – شرعوا بالدعاء بالمغفرة - لمن ياترى؟ - قال الله عنهم (فاغفر للذين آمنوا واتبعوا سبيلك) وهذان الوصفان العظيمان وصف الإيمان بالله وإتباع السبيل القويم من أعظم الأوصاف التي حري بكل إنسان في هذه الحياة الدنيا أن يتصف بهما لأنهما طريق الرشاد والفلاح والمغفرة، ومن دعاءنا في كل صلاة بل في كل ركعة (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
ثم تابع أولئك الملائكة الأبرار دعائهم لأهل الإيمان (وقهم عذاب الجحيم) قال أهل العلم ويتضمن الوقاية من عذاب الجحيم أمران:
الأول / الوقاية من العذاب، والثاني / الوقاية من أسباب العذاب التي في مقدمتها الذنوب والمعاصي، وقد قال سبحانه في وصف عباد الرحمن (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً، إنها ساءت مستقراً ومقاماً).
وإن كان الوقاية من العذاب هدف لأهل الإيمان فإن دخول الجنة غاية من أعظم الغايات، ولذا كان من دعاء الملائكة (حملة العرش ومن حوله): (ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم).
وفي هذه الصيغة من الدعاء جملة من الفوائد من أبرزها:
أولاً / أن وعد الله أعظم الوعود وهو سبحانه وعد عباده المؤمنين بالجنة وسيكون، وإني أذكر بأمر أشرت إليه - قريباً - وهاأنا أؤكد عليه وهو أن موافقة الله جل شأنه في الصفات التي يحبها ويتصف بها مما يستطيعه الخلق من أعظم العبادات كما قررنا ذلك في موافقة الملائكة لربهم في حبه للإيمان وأهله، وكما ذكرنا في بيان أن الرحماء من الخلق يرحمهم الرحمن جل جلاله، فإذا كان ذلك كذلك، فإن من أعظم العبادات الوفاء بالوعد والعهد، وقد وصف الله أهل الصدق والتقوى بقوله (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا).
وثاني تلك الفوائد يستفاد من قول الله تعالى (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) قال أهل التفسير: (إن المقارن من زوج وولد وصاحب يسعد بقرينه ويكون اتصاله به سبباً لخير يحصل له) وهذه الخيرية وتلك السعادة تتحقق لأصحاب الصلاح (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم)، وفي هذا إشارة بليغة بأن صلاح العمل من أهم الغايات، ومن أفضل ما تصرف فيه الأوقات.
كما أن صلاح الآباء والأبناء والأزواج مطلب مهم فلنحرص وفقني الله وإياكم أن نرشد أزواجنا وذرياتنا إلى طريق الصلاح والفلاح
قال تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وماألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين).
ثم يُختم ذلك الدعاء العظيم من الملائكة حملة العرش ومن حوله وهم يدعون لأهل الإيمان (وقهم السيئات ومن تق السيئات فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم) إن من رحمة الله بعبده أن يجعله الذنوب والمعاصي مقبلاً على الله سبحانه إن أذنب استغفر وإن أساء آب وتاب وهناك يتقلب في رحمة الله في الدنيا وفي الآخرة.
الفوز كل الفوز لا يكون إلا بسلوك طريق أهل الإيمان صراط الله المستقيم الذي هو درب النجاح والفلاح ففيه النجاة من النيران والفوز بالجنان ورحمة الكريم المنان (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز).
ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[26 - 04 - 09, 04:52 م]ـ
لا فض فوك يادكتور محمد
وأكرم بهذه اليمين التي خطت هذه العبارات التي تُثير العَبرات
التي من قرأها أقسم بالله غير حانث أنها خرجت من قلب صادق يريد الخير لأمته
هنيئا والله هنيئا
صدقت يا دكتور:
تشبّه المخلوق بالخالق كمال، وتشبيه الخالق بالمخلوق
¥