" لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أنّ دين الإسلام كذب، وأن محمداً خدّاع مزوِّر. وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ، صادق العزم، كريماً بَرًّا، رؤوفاً، تقياً، فاضلاً، حرًّا، رجلاً، شديد الجدّ، مخلصاً، وهو مع ذلك سهل الجانب، ليِّن العريكة، جمّ البِشْر والطّلاقة، حميد العشرة، حلو الإيناس، بل ربّما مازح وداعب.
كان عادلاً، صادق النيّة، ذكيّ اللّب، شهم الفؤاد، ذكياًّ، سريع الخاطر، كأنّما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم، ممتلئاً نوراً، رجلاً عظيماً بفطرته، لم تثقفه مدرسة، ولا هذّبه معلّم، وهو غنيّ عن ذلك ".
- ويقول جوته الأديب الألمانيّ:
" إنّنا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمّد، وسوف لا يتقدّم عليه أحد، ولقد بحثت في التّاريخ عن مَثَلٍ أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبيّ محمّد ".
- د: نظمي لوقا ..
الدكتور نظمي لوقا من أقباط مصر .. له كتابان في سيرة النبيّ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ، (محمّد الرّسالة والرّسول) و (محمّد في حياته الخاصّة)، يقول في كتابه: " محمّد الرّسالة والرّسول ":
- ص 28: " ما كان محمّد صلّى الله عليه وسلّم كآحاد الناس في خلاله ومزاياه، وهو الذي اجتمعت له آلاء الرّسل -عليهم السلام- وهِمّة البطل فكان حقاً على المنصف أن يكرم فيه المثل ويُحيّي فيه الرجل ".
- ص 88: " لقد تخطّف الموت فلذات أكباد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ليكون ذلك إيذاناً بأن البشر الرسول ليس له امتياز على سائر بني آدم، فتسقط دعوى الناس في التقصير عن الاهتداء به ".
- ص 170 ـ 171: " إن هذا الرسول، حينما وقعت له تجربة الوحي أول مرة، وهو يتحنّث في غار حراء، صائماً قائماً، يقلّب طرفه بين الأرض والسماء .. لم يأخذ هذه التجربة مأخذ اليقين، ولم يخرج إلى زوجه خروج الواثق بها، المتلهّف على شرفها. بل ارتعدت فرائصه من الروع، وقد ثقلت على وجدانه تلك التجربة الفذّة الخارقة .. ودخل على زوجه، وكأن به رجفة الحمى .. ".
- ص 188 ـ 189: " إن لُباب المسألة كلّها أنك كنت يا أبا القاسم أكبر من سلطانك الكبير يندهش رجل بين يديك ويرتعش فتقول: هوّن عليك، لست بملك! إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة .. إن مجد هذه الكلمة وحدها يَرْجَحُ في نظري فتوح الغزاة كافّة وأبّهة القياصرة أجمعين. أنت بأجمعك في هذه الكلمة، وما أضخمها أيها الصادق الأمين! ".
- ويقول في كتابه الآخر: " محمّد في حياته الخاصّة " ص 14: " أيّ النّاس أولى بنفي الكيد عن سيرته من أبي القاسم، الذي حوّل الملايين من عبادة الأصنام الموبقة إلى عبادة الله رب العالمين، ومن الضياع والانحلال إلى السموّ والإيمان. ولم يفد من جهاده لشخصه شيئاً مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام ".
- في آخر خطبة له، وقد تحامل على نفسه وبرز إلى المسجد، قال: (أيها الناس، ألا من كنت جلدت له ظهراً فها ظهري فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه. إلا وإن أحبّكم إليّ من أخذ مني حقاً إن كان له، أو حلّلني فلقيت ربي وأنا طيّب النفس) .. ما أعظم وأروع! فما من مرة تلوت تلك الكلمات، أو تذكرتها، إلاّ سرت في جسمي قشعريرة. كأني أنظر من وهدة في الأرض إلى قمة شاهقة تنخلع الرقاب دون ذراها. أَبَعْدَ كلّ ما قدّمت يا أبا القاسم لقومك من الهداية والبّر والرحمة والفضل؛ إذ أخرجتهم من الظلمات إلى النور .. تراك بحاجة إلى هذه المقاصّة كي تلقى ربك طيب النفس، وقد غفر لك من قبل ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ولكنّ العدل عندك بدأ .. العدل عندك خلق وليس وسيلة .. ".
- بماذا يقاس الإيمان، إن لم يكن مقياسه الثبات عليه في أشد الظروف حلكة، وأدعاها للنّاس؟ وان لم يكن مقياسه أصبر في سبيله على المكاره؟ وإنّها لمكاره من كلّ نوع. لعلّ المعنوي منها أقسى من المادّي .. لم يساوم هذا الرسول ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته، على كثرة المساومات واشتداد المحن .. فحيثما تعرض الأمر لدعوته وعقيدته فلا محل لمجاملة مهما قويت بواعثها. أهذا شأن من يملك من الأمر شيئاً؟ أهذا شأن من لا تسيطر عليه قوة قاهرة أقوى من مراده وهوى نفسه؟ لقد ضُرِب وأُهِين في كلّ مكان فلم يعْنِه من ذلك شيء سوى خوفِه أن يكون بالله عليه غضب
¥