تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد كنت راكباً في خدمته في بعض الأيام قبالة الإفرنج وقد وصل بعض اليزكية ومعه امرأة شديدة التخوف كثيرة البكاء متواترة الدق على صدرها قال اليزكي إن هذه خرجت من عند الإفرنج فسألت الحضور بين يديك وقد أتينا بها فأمر الترجمان أن يسألها عن قصتها فقالت اللصوص المسلمون دخلوا البارحة إلى خيمتي وسرقوا ابنتي وبت البارحة أستغيث إلى بكرة النهار فقال لي المملوكالسلطان هو أرحم ونحن نخرجك إليه تطلبين ابنتك منه فأخرجوني إليك وما أعرف ابنتي إلا منك.

فرق لها ودمعت عينه وحركته مروءته وأمر من ذهب إلى سوق العسكر يسأل عن الصغيرة من اشتراها ويدفع له ثمنها ويحضرها وكان قد عرف قضيتها من بكرة يومه فمامضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه فما كان إلا أن وقع نظرها عليها فخرتإلى الأرض تعفر وجهها في التراب والناس يبكون على ما نالها وهي ترفع طرفها إلى السماء ولا نعلم ما تقول فسلمت ابنتها إليها وحملت حتى أعيدت إلى عسكرهم.

وكان حسن العشرة لطيف الأخلاق طيب الفكاهة حافظاً لأنساب العرب ووقائعهم عارفاً بسيرهم وأحوالهم حافظاً لأنساب خيلهم عالماً بعجائب الدنياونوادرها بحيث كان يستفيد وكان حسن الخلق يسأل الواحد منا عن مرضه ومداواته ومطعمه ومشربه وتقلبات أحواله.

وكان طاهر المجلس لا يذكر بين يديه أحد إلا بخير السمع فلا يحب أن يسمع عن أحد إلا الخير وطاهر اللسان فما رأيته ولع بشتم قط وكان حسن العهد والوفاء فما أحضر بين يديه يتيم إلا وترحّم على مخلفيه وجبر قلبه وأعطاه وجبر مصابه وإن كانله من أهله كبير يعتمد عليه سلمه إياه وإلا أبقى له من الخير ما يكف حاجته وسلمه إلى من يعتني بتربيته ويكفلها.

وكان لا يرى شيخاً إلا ويرق له ويعطيه ويحسن إليه ولم يزل على هذهالأخلاق إلى أن توفاه الله إلى مقر رحمته ومكان رضوانه.

فهذه نبذ من محاسن أخلاقه ومكارم شيمه اقتصرت عليها خوف الإطالةوالسآمة وماسطرت إلا ما شاهدته أو أخبرني الثقة به وحققته وهذا بعض ما اطلعت عليه في زمان خدمتي له وهو يسير فيما اطلع عليه غيري ممن طالت صحبته وتقدمت خدمته ولكنهذا القدر يكفي الأديب في الاستدلال على طهارة تلك الأخلاق والخلال.

وفى نهاية الكتاب ختم بقول الشاعر:

ثم انقضت تلك السنون وأهلها ** فكأنها وكأنهم أحلام

وأنا أقول بقول الشاعر:

هيهاتَ أَن يَلِدَ زَّمانُنَا نظيرَهُإنَّ زَّمانَنا بِمِثْلِهِ لَبَخيلُ


(1) ولد ابن شداد بالموصل بالعراق سنة 539 للهجرة ونشأ فى كنف أخواله بني شداد لوفاة والده فنسب إليهم وأخذ العلم عن شيوخ الموصل والبصرة وغيرهما، ثم رحل إلى بغداد ونزل معيدا بالمدرسة النظامية لمدة أربع سنوات ثم عاد إلى الموصل سنة 569 هـ / 1173م مدرسا بمدرسة القاضي كمال الدين وسرعان ما اشتهر فى الأوساط الموصلية بالحكمة والرأي السديد فاختاره أمراء الموصل سفيرا لهم لدي بلاط الخليفة وأمراء المسلمين، وفى سنة 591هـ / 1195م توجه ابن شداد إلى حلب حيث عين من قبل الملك الظاهر بن صلاح الدين وزيرا وقاضيا له فكان أول ما قام به هو توحيد أخوة وأولاد صلاح الدين الأيوبي، كما اعتني بأمور مدينة حلب وجمع الفقهاء بها وعمر مدارسها ووقف المال الكثير عليها وظل حتي توفي سنة 632 هـ / 1234م محتفظا بمكانة رفيعة ونفوذ كبير.

ومن أهم ما ألف ابن شداد كتابه " السيرة الصلاحية والمحاسن اليوسفية " والذى اعتمد فيه على المنهج الواقعي حيث كان يدون فيه كل ما كان يقع تحت سمعه وبصره حيث صور فى هذا الكتاب الكفاح الطويل الذى قام به صلاح الدين الأيوبي ومراحل جهاده فى الحروب الصليبية

ـ[المسلم الحر]ــــــــ[25 - 05 - 09, 06:22 م]ـ
سبحان الله كأن الشيعة متخصصون ببغض الأئمة الذين نصروا دين الله تعالى بدأ من الخليفتين الراشدين أبوبكر و عمر رضي الله عنهما و أرضاهما وانتهاءا بنور الدين محمود ابن زنكي و تلميذه صلاح الدين الأيوبي رحمهما الله تعالى ... وفي المقابل يترحمون على أبي لؤلؤة المجوسي لعنه الله قاتل الصحابي الشهيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ...
و هذا الكتاب رد على الشيعة الذين تكلموا على هذا البطل المجاهد رحمه الله

http://www.4shared.com/file/67522892/e3e934f9/

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير