[مورسكيو القرن العشرين]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[08 - 06 - 09, 02:29 ص]ـ
"مورسكيو القرن العشرين"
بقلم: أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي.
بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
كان خوان لوبيز غونزاليث Juan Lopez Gonzalez ينحني على ركبتيه في اتجاه الشرق و رأسه يلامس الأرض بصفة متكررة. أحيانا ينادي في اتجاه الشمس "محمد". و غالبا ما يتلو دعوات غير مفهومة حاملا كتابا قديما بين يديه يُخفيه داخل كيس بإحدى عوارض المنزل العلوية. خلال "الأسبوع المقدس" Semana Santa (1) حيث تمر المواكب من البلدة, لم يكن خوان Juan يأكل أي شيء ما إن تشرق الشمس. خلال هذه الأيام كان يضع صحنا مقلوبا على عتبة بوابة مزرعته (2) , ذات يوم سأله أحد جيرانه عن السبب, فأجابه مٌحمرّا أن ذلك من أجل تجفيف الصحن. لقد احمرّ لأنه "كاد يموت من الخوف, فقد كان دائما يتخفى و يطلب مني ألا أحكي شيئا عمّا أراه يفعله" تروي اليوم ابنته فينيرادا Venerada, " كان يخرج بمعية شقيقه للصلاة في الحقل حتى لا يراهما أحد". قبل الأكلكان يحني رأسه متمتما دعاءا يٌكثر فيه ذكر الله " Alà". كما كانت له عبارات خاصة به, كقوله أروا خمينا " Arua Jimena" ( تعال هنا) , Jarria( براز) , quém ( كلب) .... , و كان يقول لابنته: "هذه عادتنا, لكن عليك ألا تذكري هذا خارج المنزل".
توفي خوان لوبيز سنة 1986 و سن ابنته فينيرادا 31 سنة, و كانت تعمل آنذاك في فرنسا. لقد قضوا في بلدتهم ريوبار Riopar الواقعة بمنطقة سييرا ديل سيغورا Sierra del Segura أوقاتا حميمية. كانت تنتظر هذه المرأة بمقرعملها مفاجأة من العيار الثقيل لمّا سمعت عاملا مغربيا يناديها كوالدها أروا خمينا Arua Jimena. و أظهر لها هذا المغربي القرآن فقارنته مع الكتاب الذي كان والدها ينزله من السقف باستعمال عصا طويلة, و بروح الفضول راحت تبحث عن الكلمات التي كان والدها يرددها. كانت فينرادا تشك في فهم والدها شيئا كثيرا:"كان يضع النظارات و يفتحه, لكن لمّا أسأله عن أشياء فيه لا يعرف كيف يجيب عنها."
تعيش فينرادا اليوم في مزرعة والدها المسمّاة Martinez Campos, لأنه يقال أنها كانت لهذا الجنرال. لقد وُلد خوان بهذه المزرعة, أمّا جدها فكان من بلدة بوجرة القريبة Bogarra, بينما ينحدر والد جدها من بلدة لاس كاسيكاس ديل سيغورا Las Casicas del Segura القريبة أيضا. رغم هذا التجدر النسبي بالمنطقة, فوالدها و جدها كانا يرددان باستمرار أن عائلتهم غرناطية الأصل, و بالتحديد من البشرات Alpujarras و متريل Motril. لكن هذه ليست سوى ذكريات عائلية تورث لأن لا أحد منهما يعلم الجد الذي هاجر إلى سييرا ديل سيغورا Sierra del Segura, ومتى كانت هجرته. هذه الذاكرة العائلية توارثت على مدى قرون ذكرى محمد بن أمية رحمه الله (3) " الذي كان ملكنا , كان شخصا صالحا, و رجلا عظيما" كما كان يردد خوان.
لم يكن خوان لوبيز الوحيد, ف أوريليو أمورس Aurelio Amores الذي وُلد سنة 1918م يتذكر فترة شبابه لمّا كان كبار السن ب ريوبار القديمة Riopar Viejo ( نواة البلدة الحالية) يعبدون الشمس عند وقت الفجر, و يركعون و يسجدون لها, يقول أوريليو:"لم يكن عددهم قليلا, كانوا على الأقل اثني عشر شخصا", و يرددون خاتي مالي Jati mali (؟). يعلم أورليو جيدا لماذا كان هؤلاء الشيوخ يقومون بهذه الطقوس:"كان ذلك دينهم, يعبدون الشمس كما نفعل نحن مع يسوع". لم يحاول أبدا أن يربط هذه الطقوس بالإسلام, لأنه لا يعلم عنه أي شيء. قبل جيلين كانت هذه الطقوس منتشرة بالمنطقة, كما أكد أوريليو:"حكى لي أجدادي أنه في فترة شبابهم كان هناك العديد من الشيوخ يسجدون في اتجاه الشرق عدة مرات في اليوم".
http://ns203417.ovh.net/cgi2/myexam/images/13016.gif
موقع ريوبار
¥