تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عثمان عثمان: طبعا نجد القرآن الكريم يستشهد ببعض الوقائع التاريخية ربما يجعل بعض الأحداث التاريخية أيضا دليلا على صدق القرآن أو النص القرآني، كيف يكون التاريخ مرادفا للقرآن الكريم؟ ما موقع التاريخ من القرآن الكريم؟

عماد الدين خليل: موقع التاريخ أنه .. إحنا يعني في محاولة اعتماد منهج علمي صارم في تحقق الوقائع التاريخية سنجد كيف أن هذه الوقائع التاريخية في حالة الوصول إليها ومطابقتها وليس بالظن والتخمين تأتي مطابقة لما أكد عليه القرآن الكريم، يعني على سبيل المثال فرعون الذي أغرق في ملاحقته لموسى عليه السلام في البحر الأحمر واللي القرآن الكريم أشار إلى أنه سيجعله آية لمن خلفه { .. لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً .. } [يونس:92] تبين من خلال الدراسات التاريخية أن رمسيس هذا هو نفسه الذي أغرق في زمن موسى عليه السلام ولا يزال جسده المحنط موجودا في متحف مصر للآثار القديمة، إضافة إلى .. هناك وقائع كثيرة جدا بالتحقيق التاريخي يتبين أنها تأتي مطابقة لما أعلن عنه القرآن الكريم، أذكر على سبيل المثال القرآن الكريم عندما يقول {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم:2] في العصر المكي والمسلمون كانوا مضطهدين تلاحقهم الوثنية من كل مكان {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ .. } [الروم:2 - 5] هذا وعد تاريخي في أن حدث ما سيقع بعد بضع سنين يعني كما يقول الدارسون سبع إلى تسع سنوات وكان المسلمون قد حزنوا لهزيمة البيزنطيين النصارى باعتبارهم أهل الكتاب على يد الوثنيين الفرس فوعدهم القرآن بأن النصر آت قريبا لا ريب فيه، وفعلا بعد سبع سنوات استطاعت الدولة البيزنطية زمن هرقل أن تضرب الفرس ضربة في الجزيرة الفراتية قريبة من الموصل ضربة قاصمة كادت أن تكسر عمودهم الفقري فجاء القرآن الكريم بوعده الصادق مطابقا للمعطى التاريخي. هناك وقائع كثيرة يمكن أن يشار إليها في هذا المجال والوقت لا يتسع للاستطالة فيها.

عثمان عثمان: ربما نتحدث عن سنن التاريخ في مرحلة لاحقة دكتور ولكن لو أردنا أن نركز على موضوع التاريخ، هناك من يشكك بأنه لا يمكن الوثوق بالتاريخ باعتبار أن أحداثه جزئية تفصيلية ظنية، أو أن التاريخ قد يكتبه المنتصرون، كيف نثق بالتاريخ؟ عن أي تاريخ نتحدث هنا؟

عماد الدين خليل: والله قدر الإمكان علينا أن نتجاوز مبدأ إما هذا أو ذاك، إما أن التاريخ علم ظني تخميني لا يقوم على أساس، يكتبه المنتصر فيزيف وقائعه وإما أن التاريخ علم منضبط exact science والتاريخ ليس علما منضبطا وإنما علما إنسانيا والعلوم والمعارف الإنسانية not exact science ليست منضبطة وإنما احتمالية، فيبقى دائما التاريخ .. ليش نقول إحنا المعطى التاريخي في القرآن الكريم هو السقف الأعلى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولكن المعطى البشري كل التآليف والتصانيف والمحاولات البشرية في سبر التاريخ البشري قد تحتمل الخطأ والصواب، الآن في القرن العشرين والقرن الذي نعيشه ازدادت مناهج البحث قدرة على مقاربة الوقائع التاريخية، يعني وسائل الوصول إلى الوقائع التاريخية فيما يسمى بالمعارف الموصلة أو العلوم المساعدة أصبحت ميسرة بأيدي الباحثين فأصبح الوصول إلى الحقائق التاريخية وتحديد زمنها ومكانها وتفاصيلها ومنحياتها أكثر بكثير مما كان عليه الحال في القرون الماضية ولكن يبقى التاريخ بكل تأكيد علما احتماليا قد يصدق وقد لا يصدق ويأتي القرآن الكريم ويستخلص من الوقائع التاريخية ما هو يقينا مؤكدا في وقوعه.

عثمان عثمان: دكتور يعني إن القرآن أو إن التاريخ تحكمه سنن ربما هذه هي النقلة النوعية الأبرز التي يقدمها القرآن الكريم في دراسة التاريخ، كيف يمكن توضيح هذه النقطة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير