تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد:41] هذا القانون تنطوي تحته مصائر الأمم كلها، كل الأمم انتهى بها الأمر إلى الانكماش وفقدان الفاعلية والخروج من التاريخ، اذكر لي أمة واحدة أو إمبراطورية واحدة أو مملكة واحدة لم ينزل عليها قدر الله ويخرجها من التاريخ؟ أبدا على الإطلاق حتى في اللحظات الراهنة، في القرن العشرين نحن وجدنا مجموعات كبيرة من الدول والتشكيلات السياسية العظمى انتهى بها الأمر إلى المصير نفسه {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا .. } أي نضيق عليهم الخناق سواء كانت إمبراطورية أو حضارة أو أمة كبيرة { .. نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا .. } والذي يحكم هذا العالم هو الله وليس هذا الزعيم أو ذاك، { .. لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ .. } ليس ثمة استئناف لحكم الله في مصائر الأمم والشعوب وهذا الحكم قد ينزل على الأمة الإسلامية نفسها إذا لم تعرف كيف تأخذ بالأسباب فهو المنطوق العادل الذي ينزل على الأمم كافة مسلمة وغير مسلمة إذا لم تحسن التعامل مع قوانين الحركة التاريخية وتأخذ بالأسباب.

عثمان عثمان: دكتور طبعا ربما ذكرتم مصطلح الفلسفة لو أردنا أن نسأل بشكل نوضح الموضوع بشكل أوسع، أي فلسفة يقدمها القرآن الكريم للتاريخ؟ نسمع الإجابة إن شاء الله بعد وقفة قصيرة، فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم إلى متابعة هذه الحلقة فابقوا معنا.

فلسفة التاريخ وجوانب علم التاريخ

عثمان عثمان: أهلا ومرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان حديث القرآن عن التاريخ مع الدكتور عماد الدين خليل. دكتور سألتك أي فلسفة للتاريخ يقدمها القرآن الكريم؟

عماد الدين خليل: القرآن الكريم الحقيقة هذا يذكرني بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام بخصوص الفلسفة والتعامل الفلسفي مع الظواهر والوقائع والأشياء، يحذرنا الرسول عليه الصلاة والسلام من أن نمارس ما يسمى بفلسفة الميتافيزيقا، ما وراء المنظور لأن هذه معني بها الدين، الدين هو الذي يقدم الإجابات على الأسئلة التي تؤرق الضمير البشري حول الوجود الكوني والوجود الإنساني ..

عثمان عثمان: عالم الغيبيات.

عماد الدين خليل: وعالم الغيبيات. يعني الأديان قد كفت الإنسان مؤونة محاولة إعمال العقل في ما وراء المنظور لأن المسألة لا تأتي بنتيجة في ما يسمى بفلسفة الميتافيزيقا أو فلسفة الغيبيات لكنه وقال عليه الصلاة والسلام "فكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذات الله" لأن التفكير في ذات الله يستعصي على العقل البشري الذي لم يهيأ لهذه المهمة وإنما هيئ للتنقيب في الأرض لإعمال قدراته في إعمار العالم واستخراج طاقات هذا العالم وبناء حياة جديرة بأن تعاش، إنما فلسفة التاريخ، القرآن الكريم يعطينا .. وهو لا يسميها فلسفة بطبيعة الحال وإنما نحن الذين يعني ننزل عليها هذا المصطلح باعتبارها معنية بنفس ما يعنى به فلاسفة التاريخ وهي البحث في قوانين الحركة التاريخية التي ترفع الأمم وتشكل القوى العظمى في هذا العالم أو التي تقودنا إلى الشلل والانهيار والخروج من التاريخ، هذا معنى فلسفة التاريخ أن نبحث بالقوى الدافعة والقوى الساحبة إلى الوراء والتاريخ البشري كله عملية امتداد وتداول مستمر بين الأمم والشعوب، كما يقول القرآن { .. وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ .. } يعني اليوم إحنا قاعدين في هذا -إذا صح التعبير- الناعور الذي يلف في الهواء وتجد أن هذا الشخص أقدامه فوق رأس اللي تحته، في الفترة الثانية اللي تحته رح تصير أقدامه فوق رأس هذا الشخص، فكأن التاريخ البشري فعلا مداولة متواصلة يرفع الأمم ويخفضها ويجعل المستضعفين في الأرض يملكون الزمام في يوم ما إذا أخذوا في الأسباب والمستكبرين ينزلوا إلى أسفل السافلين، تلك هي سنة الله في خلقه والتدافع مستمر إلى يوم الحساب وليس ثمة نهاية للتاريخ كما يرى فرانسيس فوكوياما الأميركي الذي ادعى بأن الوضع التاريخي سيستقر إلى ما لا نهاية في الحالة الليبرالية الأميركية وأن الحالة هذه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحقق لأن التاريخ ماض إلى يوم الحساب ولن يوقفه شيء ولن نجد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير