تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوقت لإيرادها ولكن يكفي ما قيل في هذا اللقاء قبل دقائق معدودات من مصداقية المعطى التاريخي في القرآن سواء كان هذا معطى سرديا أو كان بصيغة قانون حركة تاريخية وفي الحالتين معا.

عثمان عثمان: دكتور، الأخ يوسف همال من الجزائر يعني يبلغكم التحية ويثني عليكم وعلى مؤلفاتكم ثم يسأل هل نستطيع أن نوظف أو أن نستخدم الوقائع التاريخية في القرآن الكريم كبراهين مادية ووثائقية للتاريخ تساعد على التنبؤ مسبقا وبيقين شبه رياضي حسابي بالعواقب الحتمية لسلسلة من الوقائع التاريخية المعينة؟

عماد الدين خليل: والله مسألة المستقبليات يعني القرآن الكريم حقيقة كان اقتصر على وقائع محددة تحدث فيها عن المستقبل، المستقبل أيضا في سياق الفعل التاريخي أو الحركة التاريخية ولكن كان يركز دائما القرآن الكريم على الواقع وعلى الماضي وبالتالي نحن لا نستطيع أن نتحدث باستفاضة عما يقوله القرآن الكريم عن المستقبل، القرآن الكريم يتحدث عن المستقبل في سياق آخر، في سياق يوم القيامة ويوم الحساب لكن ما سيحدث تاريخيا هذا الذي يعني به المؤرخون في علوم المستقبليات وحتى ما يعني به أيضا المعنيون بالحديث النبوي فيما يسمى أيضا بالمستقبليات يعني الملاحم والفتن وأشراط الساعة الصغرى والكبرى وإلى آخره مما أفاض فيه الحديث النبوي، إنما القرآن اقتصر وإلى حد كبير على بعض الإشارات المستقبلية التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

عثمان عثمان: نعم. دكتور كيف نرجع لهذا التاريخ قيمته المرجعية؟

عماد الدين خليل: بأن نعتمد مناهج البحث الحديثة والتي تعتمد التحقيق وتوظيف العلوم المساعدة للوصول إلى الوقائع التاريخية كما تحققت فعلا لا كما يراد لها أن تكون، أن نبعد التحزبات والأهواء وإسقاط معطيات العصر الحاضر على الوقائع التاريخية وأن نجعل الوقائع نفسها تتكلم أو تتحدث بما كانت عليه فعلا لا بما يراد لها أن تكون، يومذاك نستطيع أن نقول بأن هذه الوقائع التاريخية التي أُعمل فيها منشار التحقيق والتدقيق والبحث العلمي وتوظيف آليات منهج البحث الحديث، كما يحدث الآن في الجامعات يعني الآن مئات من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه تكتب وفق منطوق مناهج البحث الحديثة وتصل إلى نتائج قريبة من الصواب، لا أقول مطابقة لأنه دائما يبقى العلم الإنساني الـ humanitysciences لا يمكن إلا أن يكون علما احتماليا، بس بحقق مقاربة كبيرة، المطلوب إحنا في البحث التاريخي أن يحقق مقاربة كبيرة ولا أن يحقق مطابقة كما يحدث في عالم الفيزياء والكيمياء، في عالم الفيزياء exact science لا بل حتى في عالم الفيزياء والكيمياء الكشوف الأكثر حداثة في مجال فلسفة العلم تؤكد أنه يصعب السيطرة على الظواهر الفيزيائية وكما كان يعني يتوقع سابقا وأصبحت خارج نطاق السيطرة والهيمنة والحكم المسبق على مصائر حركة الجزيئات والذرات وتشكيلاتها.

عثمان عثمان: دكتور، ربما ضاق الوقت، في البعد الحضاري البعد الثالث لنقل، ما الجديد الذي يقدمه الإسلام في الرؤية الحضارية؟

عماد الدين خليل: المستوى الثالث للعرض التاريخي القرآني هو قضية يعنى بها دارسو الحضارات، ما الذي قدمه القرآن الكريم بخصوص قيام الحضارات واستمراريتها وصيرورتها دائما نحو الأفضل والأحسن؟ هنالك في الحقيقة شبكة من الشروط التي يقدمها القرآن الكريم وقد نجد بداياتها الأولى في الآيات 30 - 39 من سورة البقرة التي تحدثنا عن بداية الخليقة وعن خلق آدم عليه السلام، تعطينا صورة واضحة ومحكمة في تماسكها وتسلسلها عن بداية الخلق وعن مهمة الإنسان في هذا العالم وهي مهمة حضارية بكل تأكيد {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً .. } [البقرة:30] هذه الضربة الأولى، { .. قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:30، 31] إلى آخره، نجد في هذا المقطع القرآني الذي ينطوي على 11 آية أو على عشر آيات حديث محكم ومتماسك عن بداية الخلق ومهمة الإنسان في هذا العالم وهي مهمة حضارية،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير