تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يخلق آدم في أحسن تقويم، يمكنه جسديا وعقليا وروحيا ووجدانيا وإراديا يعني يكون كائنا فعالا قديرا على الأداء ولا يكتفي بهذا وحتى لا يشعر هذا الكائن الجديد بالدونية إزاء الملائكة طلب من الملائكة أنفسهم أن يسجدوا له دلالة على محاولة لتكريم هذا الكائن الجديد ودفعه لأداء دوره بأعلى الوتائر، ثم القضية لم تقف عند هذا الحد وإنما كان لا بد من مجابهته بقوة مضادة من أجل إيجاد الجدل أو الحوار أو التناقض أو التقابل بين طرفين لتحريك الحياة فكان الشيطان الذي يعني الشر بكل معانيه وكان على الإنسان حتى لا يقعد ساكنا مطمئنا إلى وضعه أن يقاوم، في المقاومة تتشكل الحضارات كما يقول توينبي، كلما استطاعت الأمم أن تقاوم أكثر أن تجابه قوى الشر والمصاعب التي تجابهها كلما كانت أكثر قدرة على الأداء الحضاري على الفعل الحضاري على الصيرورة الحضارية على بناء الحضارات، فالقرآن الكريم إذاً يقدم لنا تصويرا، تصورا محكما عن خلق آدم، منحه الاستعدادات الكافية، تكريمه ومجابهته بإبليس ثم تجربة لا أقول السقوط إلى الأرض وإنما الهبوط إلى الأرض وقد لا يجوز أن يكون هبوطا من أعلى إلى أسفل وإنما هبوط قد يكون أفقيا { .. اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ .. } [البقرة:61] يعني داخل الأرض التي خلق فيها لكي يؤدي دورا عمرانيا، {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:38]، {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ .. } [البقرة:37] الكلمات هي المنهج الإلهي هي الأديان التي سيقدر لها أن تنزل بين حين وحين لكي تقود البشرية إلى الصراط وهي تمارس فعلها ودورها الحضاري، يعني ها هنا في الحقيقة قبالة هذه الآيات نجد أنفسنا أيضا أمام تسخير هذا العالم للإنسان الذي استخلف عليه لكي يؤدي مهمة عمرانية تجعل العالم صالحا لعبادة الله التي هي مركز وبؤرة الوجود البشري في هذا العالم.

عثمان عثمان: وربما هنا أحد الأخوة المشاهدين -خالد- يقول كيف نطبق قوانين الحركة التاريخية من خلال القرآن في واقعنا المعاصر؟ ومن المسؤول عن تطبيقها؟ ولكن لم يتبق معي إلا أكثر من دقيقة بقليل.

عماد الدين خليل: والله هنالك إحنا إذا تذكرنا قوانين التدافع والتغاير وقوانين الحركة التاريخية التي يعطيها القرآن هذا الاهتمام الكبير ألا نهن وألا نحزن وأن علينا إذا أردنا أن نرجع ثانية إلى التاريخ وبالمنطوق القرآني أن نمسك بالأسباب أن نأخذ بالأسباب وبدون الأخذ بالأسباب فإن ألف سنة من الدعاء المجرد عن الفاعلية لا يمكن أن يخرج هذه الأمة من وضعها الراهن، لا بد من الأخذ بالأسباب والأخذ بالأسباب منظومة كبيرة وشبكة معقدة تتطلب التعامل معها بجدية كاملة من أجل أن تخرج هذه الأمة من حالة ضعفها وانهيارها إلى حالة التقدم والقدرة على الأداء والفاعلية.

عثمان عثمان: أشكركم الدكتور عماد الدين خليل أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية في عدد من الجامعات العربية. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج سلام الأمير وسائر فريق العمل، وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله، إلى اللقاء في الأسبوع القادم بإذن الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير