تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حسن نصر الله سقطة كبيرة ما كانت لتحدث من سياسي محنك مثله، لولا أن الله عز وجل يريد للأوراق أن تنكشف .. لقد أعلن في خطابه قبيل الانتخابات في يوم 29 مايو 2009م، ونص الخطاب موجود على موقع حزب الله في الإنترنت، أنه إذا تم انتخاب فريقه فإنه سيأتي بالسلاح إلى لبنان من سوريا وإيران، مُظهِرًا لغة التشيُّع بشكل بارز، حتى إنه قال بالحرف الواحد: "ما أعرفه أن الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالخصوص سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي -دام ظله الشريف- لن يبخلوا على لبنان بأي شيء".

إنه يقول في منتهى الوضوح للشعب اللبناني أن التمويل الذي سيكفل لهم الأمان والعزة سيأتي من طرف الشيعة، وهو ترغيب وترهيب في نفس الوقت، ولفتٌ للأنظار إلى حجم حزب الله وعلاقاته.

ووصلت الرسالة إلى الشعب اللبناني، ولكن بصورة عكسية عن التي أرادها حسن نصر الله؛ فقد اكتشف اللبنانيون الخطر الشيعي، وعلموا أن وصول فريق حزب الله إلى الحكم يعني زيادة تسليح وقوة لحزب الله لا للبنان، وأن احتمالات قيام دولة شيعية موالية لإيران وسوريا صارت قريبة جدًّا. ومن هنا خاف الشعب من هذا التوجُّه، وظهر خوفه هذا في صناديق الانتخابات، حيث أدلى بأصواته إلى فريق 14 آذار، مع أن سعد الحريري ليس بثقل الراحل رفيق الحريري، ولكن الشعب اللبناني لمس بنفسه خطورة الموقف. ولا مجال هنا للقول بأن الضغط الأمريكي هو الذي أدى إلى هذه النتيجة؛ لأن الانتخابات كانت نزيهة، ولم يطعن أحد في شفافيتها، وفاز تجمع 14 آذار بفارق 14 مقعدًا، وهذا رقم ضخم في الانتخابات اللبنانية، وهو يعني بداية اتِّضاح الأمور بشكل أكبر.

موقفنا من حزب الله

إنني بعد استعراض هذه القصة الطويلة أودُّ أن أقف مع القارئ لأعلِّق على بعض الأمور التي تجيب على أسئلة محيِّرة تقفز إلى ذهن كل مسلم عندما ينظر إلى هذه الأحداث، وقد يختلف معي البعض أو يتفق، ولكني أقول للجميع إننا عند التعليق لا بُدَّ أن نضع عواطفنا جانبًا، وأن نحكم بعقولنا، وأنه يجب علينا إذا أردنا أن نحسن التحليل أن ننظر إلى الجذور والأصول، وأن نعود إلى التاريخ القديم والحديث، وأن نربط الأشياء بعضها ببعض، وأن نقرأ ما بين السطور، وأن نبحث عن أهداف كل فريق، وخلفياته ومعتقداته، وعندها ستتغير الكثير من الرُّؤَى التي نعتقد بصوابها، وقد نصبح مهاجمين لما كنا ندافع عنه، أو مدافعين عن الذي كنا نهاجمه!!

أولاً: قيام دولة شيعية في لبنان أمر وارد جدًّا، بل لعله يكون أمرًا قريبًا؛ فإمكانيات حزب الله ليست إمكانيات حزب أو طائفة، إنما هي إمكانيات دولة، ودعم إيران وسوريا لقيام دولة شيعية موالية لهما دعم كبير، وهذه الدولة تشمل جنوب لبنان، إضافةً إلى منطقة البقاع شمال شرق لبنان، وقد تمتد هذه الدولة لتشمل شمال لبنان السُّني. كما أنها ستسيطر على بيروت الغربية والجنوبية، أما المناطق النصرانية فهي محل خلاف، ولا نستبعد أن يقبل حزب الله بقيام دولتيْن على أرض لبنان؛ شيعية ونصرانية، وقبل ذلك بألف سنة عرض الشيعة الإسماعيليون على الصليبيين عند دخولهم الشام أن يقسِّموا أراضي السُّنة بينهم؛ فيأخذ الصليبيون سوريا ولبنان، ويأخذ الشيعة فلسطين والأردن، إلا أن الصليبيين رفضوا، حيث كانوا يريدون لأنفسهم الشام بكامله!

وقيام دولة شيعية في لبنان ليس بالأمر السهل بالنسبة للسُّنة، وراجعوا قصة السنة في إيران، وكذلك في العراق، وراجعوا مواقف حركة أمل ثم حزب الله مع السُّنة في لبنان، وراجعوا تاريخ الدولة البويهية والحمدانية والعبيدية (المسماة زورًا بالفاطمية) والصفوية .. راجعوا هذا التاريخ لتعرفوا أن قيام دولة شيعية قوية يعني تسلُّطًا على السُّنة في المقام الأول؛ فالقضية قضية عقيدة، والوقائع كلها تؤيِّد هذا.

حرب مصالح

ثانيًا: حرب حزب الله مع اليهود حرب مصالح وليست حرب عقيدة؛ فاليهود دخلوا جنوب لبنان سنة 1982م، وهي المنطقة التي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الشيعية المنتظرة، فكان لا بد من المقاومة من أجل البقاء، مثل أي حرب تدور بين فريقين من فرق الدنيا، وليست هذه الحرب لتكون كلمة الله هي العليا؛ لأن كلمة الله التي يعتقدها الشيعة كلمة محرَّفة باطلة، زعموا فيها عصمة أئمتهم، وعلوّ قدرهم فوق الرسل، فأيُّ خيرٍ من وراء هذا الاعتقاد!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير