تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[محطات في حياة العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين]

ـ[أبو السها]ــــــــ[16 - 07 - 09, 03:16 م]ـ

الحمد لله القائل:} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا، وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {.

ونقصان أطرافها كما ذكر ابن عباس وغيره من علماء السلف: " ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها ".

وهذا أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية, حتى قال ابن عبد البر عن هذا القول: " تلقاه أهل العلم بالقبول ".

وكانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا).

فموت العلماء من أعظم المصائب على الإطلاق, وقد فقدت الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ عبد الله الجبرين عالماً جليلاً , ومربياً عظيماً، وأباً حانياً، وفقيهاً ومفسراً، وأصولياً، ونحوياً، وأديباً، وقدوةً وإماماً كبيراً.

وصل علمه إلى الأفاق, وتتلمذ على يديه وتخرج من مدرسته علماء وفقهاء وطلاب علم من شتى أنحاء العالم، وقد دفن بوفاته علم غزير.

فـ (الْعَيْنَ تَدْمَعُ , وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ , وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا, وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا شيخنا لَمَحْزُونُونَ).

لم يكن الشيخ فقيد أسرة، ولا قرية، ولا مدينة، ولا قطر، ولا إقليم، بل هو فقيد أمة بأسرها.

فَما كانَ قَيسٌ هُلكُهُ هُلكُ واحِدٍ وَلَكِنَّهُ بُنيانُ قَومٍ تَهَدَّما

ها قد رحل الشيخ وقد قارب الثمانين عاماً قضاها في العلم والدعوة والعبادة، جلس للتدريس عشرات السنين، ودوّن المؤلفات النافعة، وتولى الإفتاء، وظهرت صنائع المعروف على يديه، فعمّ نفعه وكثر خيره ..

أهكذا البدرُ تُخْفِي نورَهُ الحُفَرُ

ويُفْقَدُ العلمُ لا عَيْنٌ ولا أَثَرُ

خَبَتْ مصابيحُ كنا نستضىءُ بها

وطوّحَتْ للمغيبِ الأنجُمُ الزُّهُرُ

واستحكمتْ غُرْبَةُ الإسلام وانكسفتْ

شمسُ العلومِ التي يُهدى بها البَشَرُ

لم يمت مَن ورّث هذا العلم الزاخر والأدب العظيم، ومن أراد الشيخ سيجده في الكتب والدروس المسجلة والفتاوى.

مَوتُ التَّقيِّ حياةٌ لا انقِطَاعَ لها قد مات قَومٌ وَهُم في النَّاسِ أحيَاءُ

لقد ولد الشيخ في بيت علم وفضل، فكان أبوه وجده وأبو جده من حفظة كتاب الله، وكان جده الأكبر حمد ابن جبرين ذا منزلة ومكانة في قومه، فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم، مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال، وله مخطوطات وشروح أورثت الشيخ عبد الله حافزاً تاريخياً، وإرثاً عائلياً في العلم.

وقرأ الشيخ على أبيه بعض العلوم كالفرائض والنحو وبعض متون الحديث كالأربعين النووية والعمدة.

ولقد تلقى الشيخ من والده تربية إيمانية عالية، ولقد أخبرني أن والده اعتاد القيام آخر الليل، فكان ينام مبكراً، ويستيقظ قبل الفجر بساعتين غالباً، وربما ختم القرآن في ليلة واحدة.

وكان يوقظ أبناءه قبيل الفجر بنصف ساعة ليعودهم الصلاة في هذا الوقت المبارك ولو شيئاً يسيراً.

لقد كان الشيخ رحمه الله تعالى أعجوبة وآية من آيات الله في الذكاء والعلم، وكان الشيخ عصاميا صاحب همة عالية: ففي سن السابعة عشر من عمره طلب من قاضي البلد الشيخ أبو حبيب محمد بن عبد العزيز الشثري أن يقرأ عليه، فاشترط عليه إتمام حفظ القرآن، فتفرغ الشيخ لقراءة القرآن وحفظه، وكان قد بقي عليه نحواً من 18 جزءاً، فحفظها في نحو سبعة أشهر كما حدثني بذلك.

وكان الشيخ حريصا على المذاكرة مع الأقران، وكان يقول: " الطالب الذي لا يجلس مع من ينافسه ويسابقه يغلب عليه التكاسل والتثاقل وعدم الاهتمام، فإذا كان هناك من ينافسه فإنه ينبعث وتقوى همته ويكثر من القراءة ومن البحث ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير