تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الصحابي القائد عقبة بن عامر الجهني]

ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[28 - 07 - 09, 11:14 م]ـ

سيرة الصحابي: عقبة بن عامر الجهني

لفضيلة الشيخ: محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. أيها الإخوة المؤمنون

نحن مع الدرس السادس والثلاثين، من دروس سيرة أصحاب رسول الله رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، صحابي اليوم، سيدنا عقبة بن عامر الجهني.

هذا الصحابي الجليل يمثِّل نموذجاً إنسانياً فذًّا، أراد الحدَّ الأدنى في سلّم الإيمان، ثم عدل عنه إلى الحدَّ الأقصى، وسوف ترون كم هي المسافة كبيرةٌ بين الحد الأدنى والحد الأقصى، وفي سورة الواقعة، إشارةٌ في آخرها إلى هذا المعنى: (سورة الواقعة) يوجد عندنا سابق مقرَّب، وهناك أصحاب اليمين، فالمؤمن مِن بيته إلى دكانه، من بيته إلى وظيفته، صائم مصَلٍّ مستقيم، يدفع زكاة ماله، نفسيته طيبة، فهنيئًا له، أنعم وأكرم بهذا المؤمن، لكن هناك مستويات أعلى، هذا الذي يجنِّد كل إمكاناته، وطاقاته، وعلمه، وحجَّته، ووقته، وعضلاته في سبيل الحق، هذا من السابقين السابقين، هذا يرفعه الله سبحانه وتعالى إلى أعلى عليِّين.

والإنسان أيها الإخوة ... مطلوبٌ منه أن يكون طموحاً، فبإمكانك أن تأخذ الحد الأدنى،فلا تؤذي أحداً، وتبتعد عن أن تعتدي على أحد، من بيتك إلى عملك، تؤدِّي صلاتك، و تدفع زكاة مالك، تغض بصرك، تحسن إلى جيرانك، هذا مستوى.

لكن هناك مستوى أعلى وأرقى؛ أن تساهم في نشر هذا الدين، أن تسخِّر كل إمكاناتك، في الدعوة إلى الله، أن تجعل من شخصك، مثلاً أعلى للناس، أن تنفق المال في سبيل الله، لا أن تنفقه في المباحات، أن تجعل من وقتك كلِّه، وقتاً مستغلاًّ في سبيل الله وقتًا مكرَّسًا للدعوة في سبيل الله.

سيدنا عقبة بن عامر الجُهني؛ ينتمي الي قبيلة جهينة العريقة التي هيَّ من اسبق القبائل لنصرة الرسول صلى الله علية وسلم ومساهمتها الكبيرة في حروب الردة والفتوحات الاسلامية؛ ومن منقبها عن ابي هريرة قال رسول الله صلي الله علية وسلم: (قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار موالي ليس لهم مولى دون الله ورسوله) وعن أيوب الأنصاري قوله صلى الله عليه وسلم: (أسلم وغفارواشجع ومزينة وجهيينة ومن كان من بني كعب موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم) وعن أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لغفار وأسلم ومزينة وجهينة ومن كان من مزينة خير عند الله يوم القيامة من اسد وطيء وغطفان)

سيدنا عقبة بن عامر الجُهني صحابيٌ جليل، له غنيمات، يحرص عليها حرصاً بالغاً، كان يرعاها خارج المدينة، ثم خطر في باله، أن يلتحق برسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وسوف ترون، كم هي المسافة بين الحالين. فالنبي عليه الصلاة والسلام، يبلغ مشارف المدينة، في الهجرة، ونحن في ذكرى الهجرة هذه الأيام، وها هم أولاء أهل المدينة الطيبة يتزاحمون على الدروب، وفوق السطوح، مهلِّلين مكبِّرين فرحاً بلقاء النبي صلى الله عليه وسلَّم، نبي الرحمة، وصاحبُه الصدِّيقُ، وها هن الفتيات الصغيرات، ينشدن:

طلَعَ الْبَدرُ عَلَينَا منْ ثَنِياتِ الوَداع ..... وَجَبَ الشُكُرُ عَلَيِنَا مَا دَعَا للّهِ دَاع

وهذا موكب النبي الكريم، يتهادى بين الصفوف، تحفُّه المهج المشتاقة، وتحوطه الأفئدة التوَّاقة، وتنثر حواليه دموع الفرح، وبسمات السرور.

لكن عقبة بن عامر الجهني لم يشهد موكب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، ولم يسعد باستقبالِهِ مع المستقبلين، ذلك أنه كان قد خرج إلى البوادي بغنيماتٍ له ليرعاها هناك، بعد أن اشتد عليها السغب، وخاف عليها الهلاك، وهي كل ما يملك من حطام الدنيا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير