تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[28 - 07 - 09, 11:45 م]ـ

قال بعض العلماء: القبر هو الشهوة، هذا غريق، قبره مزرعته، وهذا قبره دكانه، وهذا قبره بيته، وهذا قبره هواياته، بعض الناس يشاهد المباريات الرياضية خمس ساعات، وكأن هذا أصبح ديناً جديداً، فالوقت ثمين جداً، لأنه العمر الذي تحياه؛ لزمَّ عقبةُ بن عامر الجهني رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم لزوم الظل لصاحبه، فكان يأخذ له بزمام بغلته أينما سار.

فأنا قصدي أن هناك أعمالاً صالحة كثيرة، فالزمْ عملاً صالحًا لوجه الله، خدمة مسجد، تأمين حاجة مؤمنين، دعوة إلى الله، رعاية أيتام، رعاية فقراء، تأسيس جمعيات خيرية، تأليف كتب، أن ترفع الإسلام على كتفيك، أن تُسهم، في نشر هذا الدين، أن توقظ إنسانًا غافلاً عن الله، إذا أردت أن تسعد فَأسعِد الآخرين، أخرج من ذاتك إلى خدمة الآخرين. واللهِ قال لي صديق، وهو صادقٌ عندي، وكان عائداً من مصيف، يركب مركبته، شاهد امرأة، هذه القصة كانت وقت أحداث لبنان، امرأة تحمل طفلاً صغيراً، وإلى جانبها رجل، وكأن هذه المرأة مضطربة، فوقف، وقال: ما المشكلة: طفل صغير حرارته "41 " درجة، على مشارف الموت، وهي امرأةٌ غريبة، جاءت من لبنان مع زوجها، لا تدري ماذا تفعل؟ قال لي: واللهِ أركبتها هي وزوجها في السيارة، وأخذتها إلى طبيب، ثم إلى مستشفى للحقن، ثم إلى صيدليات مناوبة، وعدتُ بها إلى المكان الذي أخذتُها منه الساعة الرابعة فجراً، أقسمَ لي بالله أنه بقي عشرة أيام مغموساً في سعادةٍ لا توصف، فالمسلم يحتاج إلى عمل لوجه الله، انطلِقْ ساعةً من نهار لله عزَّ وجل، لا تبتغي بها إلا وجه الله عزَّ وجل، وانظر كيف أن الله سبحانه وتعالى يتجلَّى على قلبك، أحياناً يتعب الإنسانُ كثيراً، فينام ساعة من الزمن فيرتاح، لكن عندما يؤدّي عملاً لوجه الله، يشعر أن الله راضٍ عنه، أن الله يحبه، فيرتاح راحةً نفسيةً تعوِّضه ما بذل من جهدٍ جسدي.

بعض إخواننا الذين يعملون في خدمة الفقراء، يخرج من بيت ويدخل بيتًا في رأس الجبل، حتى يتفقد أحوال أسرة، ليس له مصلحة شخصية، بيته فخم، وسيارته حديثة، لكنه يتقصى أحوال الناس حتى يصل إلى رضاء الله عزَّ وجل، الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله، أنفعهم لعياله.

فهذا الصحابي لزم النبي عليه الصلاة والسلام. أين أنتَ موظف؟ واللهِ توظَّفتُ عند الله، الوظائف عند الله عزَّ وجل كثيرة، ليس له مِن ورائها مصلحة خاصة، إما في الدعوة إلى الله، أو في خدمة الخلق. واللهِ من باب الشكر، لا مِن باب الفخر، لا والله، دُعيتُ منذ فترة لإلقاء محاضرات على طلاب جيء بهم من أطراف الدنيا، من الشاشان، من الدول الإسلامية التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، من بلاد داغستان، ومن الشاشان، من يوغوسلافيا، خطباء مساجد، يحتاجون لمعارف كثيرة، لإلقاء محاضرات، واللهِ شعرتُ بسعادةٍ لا توصف، كانت لوجه الله، ولم أبتغِ درهماً ولا دينارًا، اسأل نفسك هذا السؤال مساءً: ما عملك؟ ما العمل الذي تلقى اللهبه؟ خدمة، دعوة، تعليم، معاونة، تمريض مريض، تأمين دواء لمريض، زيارة فقير، عيادة مريض، رعاية أرملة، رعاية يتيم، إنقاذ حيوان.

فهذا سيدنا عقبة، لزم النبي عليه الصلاة والسلام، فكان كظله، يمضي بين يديه أين اتجه، وكثيراً ما أردفه النبي وراء ظهره، حتى دُعي برَدِيفِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وربما نزل له النبي الكريم عن بغلته، ليكون هو الذي يركب، والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يمشي .. تحدثَّ فقال عقبة فقال: كنت آخذًا بزمام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض طرق المدينة، فقال لي النبي: اركب، وهو يمسك بزمام البغلة، قال لي: يا عقبة ألا تركب؟ فهممتُ أن أقول: لا، لكني أشفقت أن يكون في هذا معصيةٌ لرسول الله. يا ترى أيُّهما أفضل، الأدب أم الامتثال، قلت: نعم يا نبي الله، فنزل الرسول عن بغلته، وركبتُ أنا امتثالاً لأمره، وجعل هو يمشي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير