تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حفظ القرآن عبادة وفضيلة ومحمدة (رد علمي على مدير جامعة اليمامة)]

ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[28 - 04 - 09, 02:25 م]ـ

ظهر الدكتور أحمد العيسى مدير جامعة اليمامة الأهلية في برنامج اضاءات قبل أيام،ليُبدي وجهة نظره - فيما قال - في عبادة حفظ القرآن الكريم،وذكر فيما ذكر عن حفظ القرآن: (الموضوع أن التركيزعلى الحفظ والتلقين كوسيلة للتعليم يعني ليست محمدة أو ليست فضيلة في يعني التأكيدعليها والدفاع عنها، ولم يرد .. حسب علمي طبعاً .. لم يرد أي نص)، ولأنه ذكر أيضاً وفق - قراءته الكثيرة - أنه لم يطلع على ما يدل على ذلك، فعليه أردت أن أوضح للدكتور - هداني الله وإياه للصواب والخير - أن حفظ القرآن الكريم عبادة وفضيلة ومحمدة وسنة متبعة، منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، وإليك الأدلة على ذلك:

1. حفظ القرآن سنة متبعة , فالنبي صلى الله عليه وسلم قد حفظ القرآن الكريم بل وكان يراجعه جبريل عليه السلام في كل سنة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان يَعْرِض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كلعام مرة، فَعَرَض عليه مرتين في العام الذي قُبِض فيه. رواه البخاري

قال الإمام ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث: ظَاهِره أَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا كَانَ يَقْرَأعَلَى الآخَر، وَهِيَ مُوَافَقَة لِقَوْلِهِ " يُعَارِضهُ "، فَيَسْتَدْعِيذَلِكَ زَمَانًا زَائِدًا عَلَى مَا لَوْ قَرَأَ الْوَاحِد.

2. أن حفظ القرآن يرفع صاحبه في الجنة درجات كما في الحديث الصحيح:"يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها " رواه أبوداود.

قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (وقال ابن حجر: ويؤخذ من الحديث أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له).

3. حافظ القرآن رفيع المنزلة عالي المكانة ففي الحديث: (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له، مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ القرآن، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران) رواه البخاري.

والحفظ يكون عن ظهر قلب، ويكون بالعمل به والاقتداء بهديه.

4. حفظ القرآن رفعة في الدنيا أيضا قبل الآخرة، ففي صحيح مسلم: أن نافع ابن عبدالحارث لقي عمر بعسفان. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستعمله على مكة. فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى. قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل. وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين "

5. حافظ القرآن أحق الناس بإمامة الصلاة التي هي عمود الدين، قال صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) رواه مسلم.

6. زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بما يحفظ من القرآن، ففي الحديث عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: جئت أهب نفسي، فقامت طويلا، فنظر وصوب، فلما طال مقامها، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: (عندك شيء تصدقها؟). قال: لا، قال: (انظر). فذهب ثم رجع فقال: والله إن وجدت شيئا، قال: (اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد). فذهب ثم رجع قال: لا والله ولا خاتما من حديد، وعليه إزار ما عليه رداء، فقال: أصدقها إزاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إزارك إن لبسته لم يكن عليك منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليها منه شيء). فتنحى الرجل فجلس، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا، فأمر به فدعي، فقال: (ما معك من القرآن). قال: سورة كذا وكذا، لسور عددها، قال: (قد ملكتكها بما معك من القرآن).

7. يقدم حافظ القرآن على صاحبه عند الدفن - عند الحاجة - حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد) رواه البخاري.

8. حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاجتماع لتلاوة القرآن ومدارسته، عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). رواه مسلم

قال أهل العلم: (يتلون كتاب الله ويتدارسونه) أي يتعاهدونه خوف النسيان.

قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذا: دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد , وهو مذهبنا ومذهبالجمهور.

9. حفظ القرآن خير من متاع الدنيا، فعن عقبة بن عامر الجهني قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: (أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولا قطع (قطيعة) رحم؟) قالوا: كلنا يا رسول الله، قال: (فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل).

أبعد هذه الفضائل، وتلك الأجور، يفرط مسلم في أمر حفظ القرآن وتحفيظه.

ثم إني أؤكد على أن العمل بالقرآن مقدم على حفظه، لكن العمل والتدبر له مكانته، والحفظ له مكانته، وإن ضم الحفظ إلى العمل والتدبر فهذا أعلى المراتب

والله أعلم وأحكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير