هذا الاعتصام الرائع بحبل الله من قبل دييغو جرح كبرياء المفتشين الذين أبوا إلا يردوه عن الإسلام, فاستدعوا مطارنتهم و قساوستهم فزاروا زنزانته و ألقوا عليه الخطب و المواعظ , يرغبونه تارة و يرهبونه تارة أخرى, لكنهم أخفقوا و عادوا بخفي حنين. لم يفقد النصارى الأمل في ثني ابن الإسلام البار عن عقيدته الموحدة فجاء الكاردينال المفتش العام لمحاكم إسبانيا –بشحمه و لحمه- لزنزانة دييغو لعله يحقق ما عجز عنه الآخرون و يحوله إلى الكاثوليكية لكنه أخفق و انقلب خاسئا و هو حسير, فكرر الزيارة مرّة أخرى و تحدث إليه, ليعود الكاردينال هذه المرة بخفي حنين و متأبطا شر المهانة و الخذلان, فدييغو لم يبغ عن الإسلام حولا (6). أمام هذا الصمود العجيب تخلى المحامي الذي عينته المحكمة للدفاع عن دييغو عن موكله و تمّ تسليم ''المتهم'' لتنفيذ حكم الحرق فيه. (7)
و في يوم العاشر من ماي 1615م نظمت محكمة التفتيش بطليطلة ''مرسوم إيمان'' أوتودافي'' أحرقت خلاله الشهيد –بإذن الله- البطل دييغو لوبيز, فرحمه الله و أسكنه فسيح جنانه. (8)
أولئك أجدادي فجئني بمثلهم ---إذا جمعتنا يا ''فرنادنو'' المجامع.
الهوامش
(1) مقال لخوليو كارو باروخا Julio Caro Baroja بعنوان soliloquio sobre la inquisici?ny los moriscos
(2) نفس المصدر.
(3) نقس المصدر.
(4) انظر موضوعي ''باحث انجليزي يؤكد بالوثائق أن طرد المورسكيين فشل جزئيا'' ( http://hicham84andalous.maktoobblog.com/1481498/%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D8%A7%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D9%91%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A3%D9%86-%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3/)
(5) من الأرشيف الوطني الإسباني AHN, Inq,, leg 2106/15
(6) ذكرني إصرار النصارى على رد دييغو عن الإسلام بقصة أنسيلم تررميدا Anselm Turmeda, الذي أسلم و أصبح اسمه عبد الله الترجمان. عاش عبد الله على صهوة فرسه (لكثرة ترحاله) حيث ولد سنة 1355 م بميورقة, و درس بليردة Lérida و بولنيا Bolonia , و عيّن سنة 1379م قسيسا, و في الربع الأخير من القرن 14م اعتنق الإسلام بتونس. نبذٌ عبد الله للنصرانية شكل ضربة قاصمة للنصارى, فقد حاولت السلطات بميورقة , و رجال الكنيسة بصقلية و سادة أراغون, بل وحتى البابا بشحمه و لحمه ثنيه عن الإسلام و رده إلى النصرانية, و هو الشيء الذي لم يقر عبد الله أعينهم به. و توفي رحمه الله سنة 1424م.
(7) نفس المصدر
(8) قضية دييغو لوبيز ذكرتها الباحثة الفرنسية جان فيدال Jeanne Vidal في بحثها ''’’ Quand on brulait les morisques. الصفحة 86 - 87.
كتبه هشام بن محمد زليم المغربي.