تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أجل كان هناك من سلاطين آل عثمان من كانت له زوجتان أو ثلاث، هذا صحيح، ولا نستطيع أن نقول شيئاً خلافه، ولا نحس حاجة لهذا، فليس الغرب ولا نظرته أو رأيه قاعدة أو كل شيء. فقد مر دور كان الغرب يفكر على نحو مختلف. أما الآن فهو ينتقد تعدد الزوجات، وغداً قد ينتقد طراز تفكيره الحالي.

ثم إن من يحق له القول في هذا الخصوص قد قاله، فالله تعالى قد أعطى الرجال –بعد توفر شروط معينة– رخصة التزوج بأربع نساء. ولم يكن سلاطين آل عثمان فقط هم الذين استعملوا هذه الرخصة حتى يكونوا هدفا للنقد. فالرسول صلى الله عليه و سلم وصحابته الكرام والعديد من العظماء عندنا كلهم استعملوا هذه الرخصة. لذا فلا يحق لأحد أن يجعل من هذه الرخصة التي أعطاها الدين موضوع نقد. وقد كان فيهم من يملك زوجتين أو ثلاثاً ويقضي ليله بالعبادة ونهاره بالصوم. ولكوننا تناولنا موضوع تعدد الزوجات عند الحديث عن تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم فإننا نكتفي هنا بهذا القدر. ولكن إن اقتضى الأمر قمنا بتناول هذا الحكم الديني بشكل مستقل ومفصل.

أحد المواضيع التي تثار وتنتقد عند ذكر مسألة الحريم هو موضوع الجواري. وقد سبق وأن فصلت الكلام في موضوع الرق الذي تركه الإسلام مفتوحاً، وحكمة ذلك، لذا سأتناول هذا الموضوع بإيجاز شديد للتذكير فقط.

الجواري هن النساء الأسيرات في أثناء الحرب. وكان المسلمون يأخذونهن إلى بيوتهم ويربينهن ويعلمهن الطريق الموصل إلى سعادة الإنسان وكماله، ويتكفلون بجميع حاجاتهن المادية والمعنوية. وإذا اختارت إحداهن دين الإسلام تم إطلاق سراحها في الغالب. وإذا ولدت ولداً لصاحبها أطلق عليها اسم "أم الولد" وأصبحت حرة. أما مسألة استفراشها فلها شروط معينة، منها ألا يكون لها زوج، وأن تكون جاريته وحده فلا يكون لأحد حصة فيها.

فإذا كان لا بد من تناول هذه المسألة المرهفة، نقول إن هناك ناحية المشاعية في موضوع أسرى النساء (الجواري)، وإن صاحب الجارية في الإسلام يزيل هذه المشاعية ويصونها منها فيحفظ كرامتها، ثم يفتح أمامها الطرق المؤدية إلى الحرية. فإذا عرفنا أن هؤلاء الجواري يؤخذن إلى البيوت وإلى القصور ويقابلن هناك حياة لم يكن يجدنها في بيوتهن في السابق علمنا عبث القيام بنقد هذا التصرف.

نحن نشاهد كيفية معاملة الأسرى في أيامنا الحالية هذه. إذ يؤخذون إلى أماكن تشبه الاصطبلات وكأنهم حيوانات، ويلاقون هناك أسوأ أنواع الظلم والعذاب، ويحس القائمون بهذا الظلم فرحاً سادياً. وقبل مدة شاهد العالم بأسره كيف عامل جندي إسرائيلي شاباً فلسطينياً. أما القتل الجماعي الذي قام به الغرب فمعلوم لدى الجميع. وبعد مشاهدة هذا السلوك الوحشي للغرب نلتفت إلى المسائل التي ينتقدونها فلا نملك إلا أن نقول إن هؤلاء لا يعرفون معنى الإنسانية، ولا كيف تتم معاملة الإنسان، لذا لا يفهمون معنى الأمر الإسلامي حول المعاملة الإنسانية. ولأنهم لا يفهمون المعاملة الإنسانية فانهم ينتقدون التصرف الإنساني. والحقيقة أن هذا الجهل مع كونه غير غريب على الغرب بل يتلائم معه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، إلا أنني أستغرب هذا من مقلدي الغرب من أبناء بلدنا.

ماذا يريدون منا أن نفعل بالأسرى الذين نأخذهم في الحرب؟ هل نطلق سراحهم لكي يتسلحوا مرة أخرى ويهجموا علينا؟ هل نفعل هذا في الوقت الذي يحتفظون بالأسرى الذين يأخذونهم منا في الحرب؟ هل يريدون أن يأخذوا منا الأسرى كيفما شاءوا واستطاعوا ثم ينتظروا منا إطلاق سراح أسراهم استناداً إلى شهامتنا ومروءتنا؟ ألا يكون هذا غفلة وحمقاً؟ ثم إن كنا لا نريد توقيع أي جزاء أو عقاب لترهيب العدو فلماذا نحاربهم إذن؟ ولماذا يتم هلاك آلاف من الأفراد؟ ولماذا تترمل آلاف النساء ويتيتم آلاف الأطفال؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير