تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ورغم الخلاف الواسع بين الباحثين في إعداد القبائل العربية التي هاجرت إلى بلاد النوبة، وفي أنسابهم، إلا أنه يمكن القول بما اتفق عليه معظم الباحثين: إن الجماعات العربية التي هاجرت إلى بلاد النوبة قد اشتملت على المجموعتين العربيتين، وهما: مجموعتا (العدنانيين؛ والقحطانيين (63))؛ حيث يمثل العدنانيون الكواهلة والمجموعة الجعلية، وبعض القبائل الأخرى، في حين يمثل القحطانيون المجموعة الجهنية (64).

ويُقال: إن الكواهلة ينتسبون إلى كاهل بن أسد بن خزيمة، وإنهم قدموا إلى بلاد النوبة من جزيرة العرب مباشرة عبر البحر الأحمر، واستقروا في الإقليم الساحلي بين سواكن وعيذاب (65)، وينسب إليهم كذلك البشاريون والأمرار وبنو عام (66)، ومن المؤكد أن أولاد كاهل قد عاشوا زمناً في الأقاليم الساحلية الشرقية، والمناطق التي تليها، ثم انتشروا انتشاراً تدريجياً نحو الغرب (67).

أما المجموعة الجعلية، فيقال: إنهم ينتسبون إلى إبراهيم الملقب «بجعل» من نسل العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترجع أسباب هذه التسمية إلى أن إبراهيم هذا كان جواداً مضيافاً، وإنه كان يقول للوطنيين وغيرهم من العرب: (إنا جعلناكم منّا، أي أصبحتم منا) (68)، وتدل هذه العبارة، وكثرة ترديدها على أن التوغل العربي الإسلامي في المنطقة كان توغلاً سلمياً مبنياً على التودد، والصلات الحسنة مع السكان الوطنيين من النوبيين وغيرهم، إلا أن هناك مصدراً آخر يشير إلى أن سبب هذه التسمية، أو هذا اللقب سمة إبراهيم الشديدة، ومنظره (69)، والواقع أنه لم يرد لفظ جعل ومشتقاته في أسماء قبائل العرب القديمة إلا في قبيلتين: إحداهما جعال بن ربيعة، أقطعهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - أرض أرم من ديار جذام، والأخرى بنو حرام بن جعل بطن من بلى من قضاعة، وهم بنو حرام بن عمرو بن حبشم (70)؛ فاللفظ إذن معروف في الجزء الشمالي الغربي من شبه جزيرة العرب؛ أي في الموطن الأول الذي أمد مصر بموجاته العربية المتلاحقة.

وتؤكد رواية أخرى أن من بين الصحابة الذين نزلوا مصر حزام بن عوف البلوي، وكان من بني جعل من بلى، وهو ممن بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة في رهط من قومه بني جعل؛ فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «لا صخر ولا جعل أنتم بنو عبد الله» (71)، على أنه من الصعب القول بإيجاد صلة بين الجعليين الذين هاجروا إلى بلاد النوبة وبين القبيلة المذكورة هنا؛ والراجح أن الجعليين لم يكونوا قبيلة واحدة، بل هم مجموعة من القبائل ذات نسب متقارب، هاجرت على دفعات وعلى مدى عدة قرون، وأهم هذه القبائل: الميرفاب، والرباطاب، والمناصير، والشايقية، والجوايرة؛ والركابية، والجموعية، والجمع، والجوامعة، والبديرية والغديان، والبطاحين (72)؛ ومن القبائل العدنانية كذلك: قيس عيلان، وكنانة، وبنو حنيفة، وربيعة، وبنو فزارة، وبنو سليم، وبنو يونس (73).

أما أشهر القبائل القحطانية التي هاجرت إلى بلاد النوبة: فهي قبائل بلى، وجهينة، وقد ذكر المؤرخون أن الصعيد الأعلى في هذه المرحلة ـ خلافة المعتصم ـ سكنته جموع هائلة من عرب سبأ، ونزل منهم أرض المعدن خلق كثير، كانت بلى، وجهينة من جملتهم (74).

وينتسب هؤلاء الجهنيون إلى عبد الله الجهني الصحابي، وهو وإن لم يكن من جهينة مباشرة فإنه من قضاعة التي تنتسب إليها جهينة (75)، وتضم قبائلها: قبائل رفاعة، واللحويين، والعوامرة، والشكرية، وقد سكن هؤلاء في النصف الشرقي من سودان وادي النيل، وعلى شاطئ النيل الأزرق والبطانة، وفي كردفان، مثل قبائل دار حامد، وبني جرار، والزيادية، والبزعة، والشنابلة، والمعاليا، وفي غرب كردفان ودافور تشمل قبائل الدويحية، والمسلمية، والحمر، والكبابيش، والمحاميد، والماهرية، والمغاربة، والبقارة (76).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير