بسم الله الرحمن الرحيم
إلى معالم الشهم الهمام ذو الأصالة والرياسة الوزير الخطير وفقه الله لمرضاته بملء الإيناس تلقينا مرسومكم الموقر الصادر وأحلناه محل التبجيل وعلى مؤداه نجيب الشهامة.
أولاً ـ تسهيلا للوفاق وخدمة للإسلامية فرارا مما يكلفها المشاق والأحن ولما لحكومة بريطانيا العظمى من الصفات والمزايا الممتازة لدينا نترك الإلحاح في إدخال ولايات مرسين واطنة في أقسام المملكة العربية وأما ولايتي حلب وبيروت وسواحلها فهي ولايات عربية محضة ولا فرق بين العربي المسيحي والمسلم فإنهما ابنا جد واحد، ولتقوم فيهم منا معاشر المسلمين ما سلكه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من أحكام الدين الإسلامي ومن تبعه من الخلفاء أن يعاملوا المسيحيين كمعاملاتهم لأنفسهم بقوله "لهم مالنا وعليهم ما علينا" علاوة على امتيازاتهم المذهبية وبما تراه المصلحة العامة وتحكم به.
ثانيا ـ حيث أن الولايات العراقية هي من أجزاء المملكة العربية المحضة، بل هي مقر حكومتها على عهد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ثم على عهد عموم الخلفاء من بعده، وبها قامت مدنية العرب وأول ما اختطوه من المدن والأمصار واستفلحت دولهم فلها لدى العرب أقصاهم وأدناهم القيمة الثمينة والآثار التي لا تنسى، فلا يمكنا إرضاء الأمة العربية وارضاخها لترك ذلك الشرف ولكن تسهيلا للوفاق سيما والمحاذير التي أشرتم إليها في المادة الخامسة من رقيمكم آنف الذكر محفوظيها وصيانتها من طبقة وضرورة ما نحن فيه وحيازة ما نريد التوصل إليه، فإن أهم ما في هذا هي صيانة تلك الحقوق الممزوجة بحقوقنا بصورة كأنها الجوهر الفرد يمكنا الرضا بترك الجهات التي هي الآن تحت الأشغال البريطاني إلى مدة يسيرة، البحث فيما يقبل عن قدرها دون أن يلحق حقوق الجانبين مضرة أو خلل. سيما العربية بالنسبة لأمر مرافقها ومنابعها الاقتصادية الحياتية، وأن يدفع للمملكة العربية في مدة الأشغال المقدار المناسب من المال لضرورة ترتكبه كل مملكة حديثة الوجود. مع احترامنا لوفاقاتكم المشار عليها مع مشايخ تلك الجهات وبالأخص ما كان منها جوهريا.
ثالثا ـ رغبتكم في الإسراع بالحركة نرى فيه من الفوائد بقدر ما نرى فيه من المحاذير، أوله خشية لوم الإسلامية كما سبق الجاهل عن حقائق الحالة بأنا شققنا عصاها وأبدنا قواها، الثاني المقام تركيا معاضدتها جميع معاني قوى جرمانيا لجهلنا عما إذا حصل وهن إحدى دول الإتلاف وأوجبها على صلح دول الاتفاق، فكيف تكون خطة بريطانيا العظمى وحلفائها لئلا تكن الأمة العربية أمام تركيا وحلفائها معا إذ لا يهمنا ما إذا كنا والعثمانية رأسا لرأس.
وعلى هذا فضروري ملاحظة هذه الوجه ولا سيما عقد صلح اشتركنا في حربه بصورة غير رسمية يخول للمتصالحين البحث فيه عن شؤوننا.
رابعا ـ إن الأمة العربية تعتقد يقينا أن العثمانية عند وضع أوزار الحرب سيوجهون كل أعمالهم فيما يغضب العرب ويغتصب حقوقهم المادية والمعنوية وذهاب شعارهم وأحسابهم وإخضاعهم بكل معاني الإخضاع مع بقائها تحت النفوذ الألماني فهم عازمون على حربهم حتى لا يبقى لنا باقية وما يرى فينا الآن من التأني فقد سبق بيان علته.
خامسا ـ متى علمت العرب أن حكومة بريطانيا حلفائهم لا يتركونهم عند الصلح على حالهم أمام تركيا وجرمانيا وأنهم يدافعون عنهم ويعاضدونهم ويدافعون عنهم الدفاع الفعلي فالدخول في الحرب من الساعة لا شك أنه مما يوافق المصالح العربية.
سادسا ـ إفادتنا السابقة الصادرة بتاريخ 29 شوال 1333 تغني عن إعادة القول في المادة الثالثة والرابعة من مرسومكم هذا الموقر في خصوصات الهيئات الحاكمة والمشاورين والموظفين سيما وقد صرحتم يا حضرة الشهم بأنكم لا تتدخلون في أمور الداخلية.
سابعا ـ وصول الجواب الصريح القطعي في أقرب زمن على ذكر أعلاه من الطلبات إذ أنا أستعملنا كلما يقربنا إليكم من التساهل الجدي الذي لا يراد به حقيقة جوهرية فإنا نعلم أن نصيبنا من هذه الحروب إما سعادة تضمن للعرب الحياة التي تناسب تاريخهم أو الاضمحلال في سبيلها. ولولا ما رأيتم ورأيت ما في عزمهم لاخترت العزلة في شواهق السراة، ولكن أبو علي يا عزيزي ـ أعزك الباري بمرضاته ألا أن يقودني إلى هذه المواقف.
ودم غانما سالما بما تحبه وتريده.
حرر في 27 من ذي الحجة 1333.
¥