قيام الحروب مكن بعض سكان إسترامادورا Estramadura من الذهاب للعيش نهائيا ببلاد المسلمين '' en tierra de moros’’''. كما حصل لفرانسيسكو دي إيريديا Francisco de Heredia من سكان يرينا Llerena, الذي شارك سنة 1578 بالحملة الصليبية البائسة ضد المغرب و التي قادها ملك البرتغال دون سيبستيان: لقد اعتقله ملك فاس –في معركة واد المخازن المجيدة-, فتقبّل بسهولة وضعيته الجديدة, ف’’تسمى باسم إسلامي هو عبد الله كنفون Abdala Ganifon. و رآه شاهدان مسلما يمشي بزي المسلمين و يتواصل مع مسلمي مدينة فاس كعبد لملكها'' (16). سنوات بعد ذلك اعتُقل بالبحر المتوسط خوان من بطليوس Badajoz, أسره ريّس ريشان reachen و اقتيد إلى العرائش: هو الآخر قبِل بسرور حياته الجديدة و توعّد كل من ينعته بالنصراني, بل و أقنع العديد من الأسرى النصارى باعتناق الإسلام (17).
في أشبيلية
سنة 1583 و 1592, أحرقت محكمة تفتيش إشبيلية عبدين مورسكيين حاولا للمرّة الثانية الفرار من إسبانيا. فقد غادر ألونثو مارتن Alonso Martin بلدة مدينا سيدونيا Medina Sidonia , حيث يقطن سيده كريستوبال سانشيث أرويو Cristobal Sanchez Arroyo , للالتحاق بالبحر المتوسط ''للعبور إلى بلاد البربر و اعتناق الإسلام''. خلال التحقيق معه اتهمه أربعة شهود بحضوره إلى البحر و بحثه عن قارب رفقة رفيق له'' (18).
في غرناطة
في مناطق أخرى كللت محاولات البعض بالنجاح. كحال 3 مورسكيين من غرناطة, اثنان من متريل Motril و 10 من أورخيبا Orjiva نجحوا في العبور إلى بلاد البربر بفضل وصول قوارب لأصدقاء لهم جاءت للبحث عنهم. في هذه الأثناء كانت حرب البشرات قد حمي وطيسها, لهذا تشددت محاكم تفتيش غرناطة في معاقبة المورسكيين. فحُكِم غيابيا على بيدرو لوخي Pedro Lauxi بالموت حرقا رفقة 12 من أصحابه لأنهم ''غادروا إلى بلاد البربر سنة 1569م رفقة المسلمين الذين جاءوا لاصطحابهم'' (19). أما الذين اعتُقلوا فكان مصيرهم الموت حرقا جزاءا ''لخيانتهم'' (20).
في بلنسية
بالرغم من معاقبة محكمة التفتيش ببلنسية ''جريمة الفرار'' بالموت, فإنها لم تستطع منع مورسكيي منطقة غاندية Gandia, و خاصة وادي خالون Jalon, من إيجاد الوسائل اللازمة للهروب من سبانيا. ما بين 1587 و 1590, عبر 16 مورسكيا من أهل هذه المنطقة إلى شمال إفريقيا على متن قوارب جاءت لحملهم. بينما حطت فرقاطة قرب بولوب Polop و حملت 6 رجال من سنيخة Senija و أربعة من خالون Jalon. ملابسات هذه العملية كشف عنها محضر مكيل بابا من بني دوليغ Benidoleig الذي حُكم عليه غيابيا بالموت حرقا’ و جاء في محضر اتهامه: ''نزل ببلاد البربر بواسطة فرقاطة حطت قرب بولوب'' (21).
غير أن العبور لم يكن دائما مجانيا و قد كان الثمن مرتفعا أحيانا إلى حد منع البعض من مغادرة إسبانيا. سنة 1574, وقع اتفاق بين مورسكيي غاندية و أمير البحر بمدينة الجزائر مامي أرناؤوط Mami Arnaute, جهّز بموجبه مامي سبعة سفن كبرى استعداد لنقل جميع مورسكيي ربض غاندية (22). لكن المبلغ الذي أراد المورسكيون دفعه (24الف دوقية) لم يُقنع مامي الذي طالب ب 30 ألف دوقية, فأُلغيت العملية و أبحرت السفن في اتجاه آخر (23).
بعض الذين نجحوا في العبور إلى تركيا أو بلاد البربر عملوا كحلقة وصل بين المورسكيين و باقي العالم الإسلامي (24).
الهوامش:
(1) من كتاب الباحث الفرنسي لوي كاردياك ‘’ Morisques et chrétiens : un affrontement polémique’’ ص70.
(2) من كتاب المؤرخ الإسباني داميان فونسيكا ‘’ Justa expulsion de los moriscos de espana’’. ص 126.
(3) الأرشيف الوطني الإسباني AHN Inq leg 192 n°4. من كتاب ''المورسكيون الاندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية'' للباحث الفرنسي لوي كاردياك, تعريب د. عبد الجليل التميمي. ص 84.
(4) الأرشيف الوطني الإسباني AHN Inq leg 191 n°32. من كتاب ''المورسكيون الاندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية'' للباحث الفرنسي لوي كاردياك, تعريب د. عبد الجليل التميمي. ص 84.
(5) من كتاب ''المورسكيون الاندلسيون و المسيحيون: المجابهة الجدلية'' للباحث الفرنسي لوي كاردياك, تعريب د. عبد الجليل التميمي. ص 84.
(6) من كتاب جون تيفنو ‘’ Voyage du Levant’’ ص 89 - 131.
¥